قال لي صديقي: “أنا مُلحِد وهذا حقّي أن أومن أو لا أومن. حريّة المعتقد حقّ إنسانيّ طبيعيّ. وطالما هذا الحقّ يكفل لي حريّتي فيما أعتقده، فلي الحريّة أن أصرّح به أيضًا. وأنا لا أومن، ليس لأني درست موضوع الله باستفاضة، لكن لمُجرّد أنّي لا أشعر بشيء ما عندما أحكي عن الله. فأنا لا أشعر بحياتي سوى بالعالم الملموس.
لا أقدر أن أؤكّد عدم وجود الله، لكن أتمسّك بالقِيَم والأخلاق التي يفرضها الايمان بالله دون أن أُنكر أنها ضروريّة وحاجّة ماسّة لعالم البشر. تصوّر معي لو أنّ هذه القِيَم غير موجودة كيف كان وضع الناس عندها!
وأمّا لماذا لا أومن؟ فذلك لكوني لم أرَ الى الآن مؤمنًا يعيش الايمان وكأن الله في حياته. كثيرون يحكون عن الله دون أن يكون الله في حياتهم. وهناك من يدّعي الايمان به وخدمته وتمثيله على الأرض وتنبعث من حياته رائحة فضائح كريهة!
فهل ألامُ بعد لإلحادي في الوقت الذي أسمع فيه عن مسيحيّ هنا لا يؤمن بقيامة المسيح وآخر هناك لا يؤمن بالله، وثالث يستهزئ بتعاليم المسيح ويقول أنّها لم تعد مناسبة لعصرنا! أنا صادق مع نفسي والآخرين أكثر من هؤلاء الذين يدّعون الايمان وهم بالواقع غير مؤمنين.
أنا مُلحِد لا أومن إلى الآن… لكن إن أتى يوم وغيّرت رأيي وآمنت بالله، فسيكون هذا اليوم سعيدًا لأن الله يكون قد اقتحم حياتي وجعلني أعرف أنّه موجود. وسأومن به بجديّة غير موجودة في حياة من ادّعوا الايمان ولم أرَ فيهم صورة الله حتّى. فأنا مُلحِد لا أومن بما لم أعرفه واختبره. هذا الكلام لا أقوله في أيّ مجلس. فالناس في بلادنا سريعو الحكم على من يُخالفهم الرأي. لكن أتعجّب لأمر مّن يدّعي الايمان ويحكم على غيره وهو لا يعيش بحسب المسيح.
أمّا بعد، فقد نسيت أن أقول أنّي أحسّ مع الأيّام بوجود حياة بعد الموت. وأنّه هناك على الضفّة الأخرى حقيقة لم يتسنّ لي أن أعرفها حتّى الآن، لكنّها موجودة لا محالة.
لكن ما قاله المسيح لتوما ينطبق عليّ: “هات أصبعك إلى ههنا ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا.” هذا ما أسمعه يحكيني في داخلي وابتدأ يتعامل مع روحيّ. وسيأتي اليوم عندما أقول فيه لست بعد ملحدًا، بل مؤمنًّا أن الله حيّ وموجود وسأراه بنفسي.
إلى تلك اللحظة أرجو أن يتركني المؤمنون لوحدي أتأمّل بأسرار الحياة، وأقوم بالتزاماتي الانسانيّة نحو المحتاجين للمساعدة الماديّة وغيرها. أليست حياة الانسان أثمن ما في الوجود؟ فهل يجوز ترك المحتاج يهلك متألّمًا وأنا أتفرّج عليه؟”
هذا ما قاله لي صديقي الملحد. وأنا احترمته جدًّا لصدقه وعطفت عليه. وقد انتابني ألم شديد لأنّه قد انتقل إلى ضفّة الإلحاد لأنّ بعضٌ من الذي يُسّمون أنفسهم مسيحيّين أعثروه، فلم يتمكّن من أن يقف بعد على شاطئ الايمان. ويل لهؤلاء الذين يعثرون الناس ولا يدعوهم يدخلون السماء. قال فيهم يسوع: “وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ!” لن يكون عقابه أقلّ من حجر رحى يُربط في عنقه ويُلقى في أعماق البحر (متى 18: 6-7). أنا ملحد، لا أومن… عبارة منسجمة مع نفسها أكثر بكثير من تلك التي قرأناها إلى الآن: “أنا مؤمن… لا أومن.” والأفضل أن أصرخ بدموع للمسيح: “أُومِنُ يَا سَيِّدُ، فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي” (مرقس 9: 24).
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.
أنا ملحد… لا أومن!
أنا مُلحِد لا أومن إلى الآن... لكن إن أتى يوم وغيّرت رأيي وآمنت بالله، فسيكون هذا اليوم سعيدًا لأن الله يكون قد اقتحم حياتي وجعلني أعرف أنّه موجود. وسأومن به بجديّة غير موجودة في حياة من ادّعوا الايمان ولم أرَ فيهم صورة الله حتّى.
شاركها.
فيسبوك
تويتر
لينكدإن
البريد الإلكتروني
واتساب
التالي عظمة يسوع المسيح وسموّه