توقّفت أوبرا وينفري عن تقديم برنامجها التلفزيوني في 24 أيار 2011. وانطلقت لتضع جهدها وتستثمر موهبتها في محطّتها الجديدة الَّتي تحمل اسمها:(OWN: The Oprah Winfrey Network)
ولا يُنكِر أحد على هذه الإعلاميّة المشهورة بَصمَتَها على الثقافة وعلى قلوب ملايين المُعجَبين. وكم من الأشخاص الَّذين عبّروا عن أمنيتهم لو كانت أوبرا جارتهم أو صديقتهم. والنّاس أحبّوها لأنها شفّافة وصريحة وكريمة وقادرة على أن تجذب العظماء إلى برنامجها من رؤساء الولايات المتحدة وصولًا إلى الواعظ الكبير بيلي غراهام.
أوبرا بين الإيمان بالله والإيمان بالكون!
إلَّا أنّ أوبرا كانت أكثر من مُقدّمة برنامج حواريّ، فهي ترى نفسها مُعلّمة، وهي حتمًا استخدمت منبرها للتعليم والكرازة ووصل صوتها إلى أقاصي الأرض، وكان واضحًا من زيارتها لأوستراليا أنّ لها في قلوب الناس عاطفة قويّة. أمّا المشكلة في ما تُعلّمه هي، أو عدد كبير من ضيوفها، هو سمّ زعاف يُبقي غير المؤمنين في الظلمة ويأخذ المؤمنين البسطاء إلى حقول الهرطقة! فالسيدة أوبرا هي أحد المعلّمين الكذبة للديانة المعاصرة. وهي وإن كانت ابتدأت حياتها في كنيسة إنجيليّة، إلاّ أنّها انحرفت عن الطريق تدريجًا وغرقت في تعاليم بدعة “العصر الجديد” New Age الَّتي لا تتوافق مع الكتاب المقدس. وهي إن ذكرت الله، لا تقصد به شخص الله الكلّي الحكمة والقدرة وخالق الكون الَّذي أعلن ذاته عبر الأنبياء والرسل والمسيح. فالله عندها هو إله غير شخصيّ، وهو مُجرّد قوّة أو طاقة كونيّة كامنة في الكون، وهذه نسخة مُتجدّدة من “الحلوليّة” Pantheism. وتُعلّم، في استمرار، أنّ من الخطأ الإيمان بأنّ الله وضع طريقًا واحدًا للخلاص، وأن الإنسان متروك ليكتشف طريقه في الحياة. وأخذت عن البوذيّة ومُعلّميها (الغورو) موضوع “الكارما” أيّ تأثير العوالم والأعمال والتصرّفات الحاصلة في حياة الإنسان. وأسهمت في نشر كتاب “السّر” The Secret الَّذي يعِد الناس بأنّهم يجذبون إليهم جميع ما يتمنّونه أو يفتكرون به، أخيرًا كان ذلك أم شرًّا.
منبر مفتوح للمشعوذين
أمّا إحدى أعزّ صديقات أوبرا، فهي ماريان وليامسون الَّتي عرضت من منبرها تعليم مادّة عن اجتراح العجائب بواسطة روح شرّير، لمدّة سنة كاملة عام 2008. أمّا أوبرا شخصيًّا فقد أغرقت نفسها في محاولات مصالحة فلسفات الشرق الأقصى الَّتي تبنّتها مع الإيمان المسيحي، وكان واضحًا للمشاهدين ابتعادها عن الحقائق الكتابيّة. وصارت تنتقد الإيمان المسيحيّ علانية، ورفضت تعليم الكتاب المقدّس الَّذي سمعته في كنيستها في مراحل طفولتها ومراهقتها وصباها، حتّى أنّها عبَّرت أنّ الله هو وليد فكر الإنسان لا العكس! وأن يسوع ما جاء إلَّا ليُحسّن طريقة عيشنا ولم يُرِد تأسيس طريقًا للسماء. وقد تناست أوبرا ما قاله يسوع: “أنا هو الطريق والحقّ والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلَّا بي” (يوحنا 14: 6).
كلمات آخر حلقة تلفزيونيّة
أنا أصلّي لأوبرا لتعود إلى ما تعلّمته في صغرها في الكنيسة ومن أهلها. وقد جلستُ أستمع إليها في كلمتها الوداعيّة وهي تحكي عن التزامها قيمَها ودورَها كمعلّمة. وكانت تُكرّر عبارتها المشهورة “أنت قادر على أن تُحقّق ما تُريد”. وقاربت الموضوع الرّوحيّ عندما سألوها عن سبب نجاحها المهني، فأجابت: “فريقي ويسوع! فوحدها يد الله الَّتي أعانتني حتّى تمكّنت من الاستمرار 25 سنة”. وقالت: “أمّا إن أردتم أن تعرفوا عن أي إله أحكي؟ فهو نفسه الَّذي تحكون عنه: الَّذي هو الألف والياء الكلّي المعرفة الحاضر في كلّ مكان، العقل الأسمى، الينبوع، القوّة، الذّات الحاضرة في كلّ الموجودات، الإله الوحيد. هذا هو الإله الَّذي أومن به وأحكي عنه!”
أمّا من يُدقّق بكلمات أوبرا فلا يجد أنّها تؤمن بالإله الَّذي حكى للأنبياء بل هو إله الحلوليّة غير الشخصيّ (القوة، الينبوع، الذَّات الحاضر في الموجودات!). إنّه ليس الآب والابن والروح القدس. أمّا إن حكت أوبرا عن يسوع، فعن أنه مُجرّد الطفل الصغير الَّذي تركته في غرفة طفولتها لتلتحق بفكر جديد مختلف عن الألولهة. فهي لا تتعاطى مع يسوع يُصرّ على أن يكون الإله الوحيد والوسيط الوحيد إلى الآب! هي “زعلت” من كلمات الله في الكتاب المقدّس، عندما قال عن نفسه: “لأنّي إله غيور”. وبدلًا من أن تستفسر عن معنى هذه العبارة مع علماء الكتاب المقدّس، خرجت أوبرا من المسيحيّة وتخلّت عن أركانها الأساسيّة لتبحث عن إله بحسب ذوقها. كم كان اختلف الوضع لو تركت أوبرا أحدهم يُساعدها لتعرف معنى غيرة الله الَّذي يرفض أن يُقاسمه أحد عرش قلوبنا. فلو عرفت قصد الله في غيرته، لكانت تمتّعت، حينذاك، بمحبّته واختبرت روعة أبوّته لها. أمّا الآن فقد اختارت الانضمام إلى إله غير شخصيّ، لا يُمكن تمييزه عن الكون. حتّى أنّ إحدى صلواتها كانت: “يا الله – يا أيّها الكون – ماذا تُريدني أن أفعل؟”. أمّا المشكلة في هذا التصريح فهو أنّ الكون ليس الله. فالله هو خالق الكون ووُجِدَ قبله. والكون هو جزء من خليقته. فليس أمرًا معقولًا أن تطلب من جزء صامت من خليقة الله عن مشيئته لها!
كُتِب الكثير عن كلمات الوداع الَّتي قالتها أوبرا على الشاشة الصغيرة. فهي قالت: إلى أن نلتقي ثانية، أعطي كلّ المجد لله”. أنا واثقة بأن أوبرا قالت هذه الكلمات من قلبها وهي تعنيها. أنا واثقة بأن أوبرا ليست صاحبة نيات شرّيرة. ولكن أيضًا أنا واثقة بأن أوبرا مُضلَّلة وتحتاج إلى أن أستمر في الصلاة من أجلها.