إلى متى يستمر الزمن الرديء؟

الأمور الى الأسوأ في عالمنا المضطرب
Photo by Colin Lloyd on Unsplash

إنه زمن التجاذُبات والانقسامات، زمن المرائيات والمزايدات، زمن المظاهر والشكليّات، زمن الادّعاءات والبطولات، زمن الانتهاكات والخيانات، زمن التفلُّت والانحلال، زمن الضلال والمخادعات، زمن الاستهزاء واللامبالاة، وهو باختصار ما لا نقدر أن نصفه إلاّ بالزمن الرديء!!! زمن اعتُبرت فيه الجريمة بطولة، والكراهية شهامة، والرشوة تجارة، والسرقة شطارة، والنجاسة مَفخرة، والقداسة مَسخرة! زمن تحوّل فيه العابد معبوداً، والمجرم شهيداً، والفاسد مُكرَّماً، وصار الزنى مَسرّةً، والكذب مِلحاً، والصدق مَهزلةً! القوي يأكل الضعيف، والشرّير يتربّص بالعاقل، والفاسد يكمُن للبار. إنه زمن "حارة كل من إيدو إلو"، حتى يكاد يشعر الإنسان أنّه في ظلّ شريعة الغاب!

وما عساني أقول؟ إنه زمن يُقال فيه للشّر خيراً وللخير شرّاً، ودُعِيَ الظلام نوراً والنور ظلاماً، والمرّ حلواً والحلو مُرّاً. فيأتي تحذير الرّب لهم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ يُحَوِّلُونَ الْحَقَّ أَفْسَنْتِينًا، وَيُلْقُونَ الْبِرَّ إِلَى الأَرْضِ... فِي الْبَابِ يُبْغِضُونَ الْمُنْذِرَ، وَيَكْرَهُونَ الْمُتَكَلِّمَ بِالصِّدْقِ... لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّ ذُنُوبَكُمْ كَثِيرَةٌ وَخَطَايَاكُمْ وَافِرَةٌ أَيُّهَا الْمُضَايِقُونَ الْبَارَّ، الآخِذُونَ الرَّشْوَةَ، الصَّادُّونَ الْبَائِسِينَ فِي الْبَابِ. لِذلِكَ يَصْمُتُ الْعَاقِلُ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ، لأَنَّهُ زَمَانٌ رَدِيءٌ" (عا 5 : 7، 10-13).

لـِمَ وصلنا إلى هنا؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟ هل وصلنا، يا ترى، إلى الأيام الأخيرة حيث يضاعف التزوير والتضليل والكذب ورفض الصلاح من محبّة الناس لأنفسهم وللمال فتصير أزمنتهم صعبة لا تُحتمل؟ فعندما وصلت الأزمنة، عهد نوح، إلى أيام لا تطاق جاءهم الطوفان، ونزلت عليهم نار من السماء في سدوم وعمورة.  وكيف ننجو إذن مما يخبئه هذا الزمن الرديء؟ يصرخ فينا بطرس الرسول: "اخْلُصُوا مِنْ هذَا الْجِيلِ الْمُلْتَوِي." ويدعونا النبي عاموس: "اُطْلُبُوا الرَّبَّ فَتَحْيَوْا". نحتاج لنخلص إلى توبة فردية، كتوبة داود أو بطرس، نبكي فيها على خطايانا. وتحتاج بلادنا، هي الأخرى، إلى توبة جماعية كتوبة شعب نينوى زمن يونان الذين حَكم عليهم بالدينونة، فصاموا أربعين يوماً وصرخوا من كبيرهم إلى صغيرهم إلى الله بشدّة، مُعترفين بخطاياهم فتجنبوا غضب الله عليهم وعلى مدينتهم.

هذا ما نحتاجه بالتمام، وإلاّ فليس لنا فجر! لن نرتاح مما نعانيه ونحن نكابر بلا توبة ونستمر بطرقنا الرديئة. كما إن هذا الزمن الرديء لن يستمرّ بلا توقّف، بل ستكون له نهاية بعودة المسيح لدينونة البشر ولبدء ملكه المجيد. هذا ما يرفضه الناس ويؤكده الإنجيل. المؤسف حقاً هو أن لا يعرف الناس أهمية الحياة الجميلة التي يخسرونها بسبب فساد طرقهم. والمؤسف أكثر هو أن يتنكروا لمجيء المسيح ولا يستعدوا لتلك اللحظة الرهيبة.

الكلمات الدلالية