احذَرُوا التقليد!
عبارة تتكرّر كثيرًا في الإعلانات التجاريّة وتكتبها الشركات على منتجاتها. تهدف عبارة "إحذروا التقليد" إلى تشجيع الناس على شراء المنتج الأصلي. أمّا المزوّرون فيُروجون المنتجات غير الأصلية بغية الربح القبيح والغنى السريع. وقطاع المال أيضًا عرضة للتزوير، فكان لا بدّ من تضمين العملات الأصلية علامات خاصة لحفظها. ويطاول التزوير، في شكل ملفت، كافّة الحقول، فنتساءل من الذي يقف وراءه؟ يخبرنا الكتاب المقدّس أنّ إبليس هو المزّور الأوّل الذي خدع حوّاء وآدم وأسقطهم في العصيان والموت. يومها استخدم الحيلة والمكر في كلامه ليُشجّعهما على أن يأكلا من التفاحة التي حرمهما الله من أكلها حتى لا يدركهما الموت (تكوين17:2). ومن يومها والشيطان يعمل على تزوير الحقائق والتعاليم ببثّ تعاليمه المزيّفة. ويعمل جاهدًا على تضليل الناس وإبعادهم عن الحق والنور الحقيقي يسوع المسيح. وأعمى أذهانهم لئلاّ تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح (2كورنثوس4:4).
وكلّما اقتربنا من نهاية الأيّام كلما زاد من أعماله التضليليّة "فيَصْنَعُ آيَاتٍ عَظِيمَةً، ويجعل الصورة تتكلم، حَتَّى إِنَّهُ يَجْعَلُ نَارًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ قُدَّامَ النَّاسِ. وَيُضِلُّ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ بِالآيَاتِ الَّتِي أُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَهَا" (رؤيا يوحنا13:13-15). وهو لا يظهر على حقيقته القبيحة بل "يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ ويجعل خدّامه يظهرونه كخدّام للبّر" ليُضلّل النّاس (متى 24: 24). ومن أضاليله الكذب على الناس بعدم وجود الله، وأنّ الكون وُجد إثرَ تطوّر جيولوجي متتالٍ، وأنّ الإنسان أصله قرد، وأنّ الخلاص يكون بالأعمال، وأنّه لا دينونة بعد الموت، ولا وجود لجهنّم كعقاب أبديّ.
يقول المسيح عن ابليس المزوّر أنّه "لَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ" (يوحنا44:8). وكذلك يصف الوحي أتباعه بأنّهم "رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ" (2كورنثوس13:11). وحذّر المسيح المؤمنين به من الالتفات إلى تزويرات المزورين وابليس المُضلّل إذ قال: "حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هَكَذَا يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ!" (متى 24: 23-27).
بهذه الكلمات يحمّل المسيح المؤمنين مسؤوليّة عدم تمييزهم الحقّ من الباطل والخير من الشرّ والنور من الظلمة. فكما يتوجّب على موظّف المصرف أن يُميّز العُملة المزوّرة من العملة الصحيحة، يتوجب على المؤمن أيضًا أن يحذر التقليد ويتمسّك بالحقّ الإلهيّ المُعلن في الكتاب المقدّس.