مرض السرطان غيّر حياتي
سألتني أختي منذ حوالي الشّهرين “أيّة هديّة تريدين في عيد زواجك؟” ثم ابتسمتْ وقالتْ “ما رأيك بشعرٍ مستعارٍ بنوعيّة جيّدة؟” ضحكتُ في قلبي وفكّرت لو أنّها عرضت عليّ هكذا هدية من قبل لكنْتُ سخرْتُ من الفكرة كلّها. لكن الآن، وبعد إصابتي بمرض السّرطان، غيّرتُ رأيي بالكامل وبدت الفكرة طبيعيّة. لقد غيّر المرض ظروفي ومواقفي ونظرتي للأمور. ثم ابتدأت بالعلاج الذي استنزف كلّ قوّتي وطاقتي فما كنت أفعله بسهولة سابقًا أصبح يتطلّب مني جهدًا كبيرًا لأفعله. لقد أصبحتُ سجينة طاقتي ومناعتي. لقد حرمني مرض السّرطان حريّتي وكبّلني بتعليماتٍ طبيّةٍ كثيرة: لا تأكلي هذا وذاك، لا تفعلي كذا، لا تُجهدي نفسك، لا ولا ولا… كلّ ذلك لحمايتي من مضاعفات العلاج الشّرسة واحتمال معاودة المرض. وبصراحة، أنا أطيع التّعليمات بحذافيرها مجبرة لخيري. لكنّ المميّز في الأمر، أنّه وفي كلّ صباحٍ جديدٍ أفتح عينيّ فيه، أشكر إلهي لأنّه أعطاني يومًا جديدًا لي ولعائلتي وكأنّه علاوةٌ Bonus.
أعلم بقرارة نفسي أنّ السّرطان خبيث ومُريع فحتّى اسمه يُخيف النّاس ولكنّني متيقّنة أنّ الرّبّ وفيّ وأمين. وهنا يأتي دور الإيمان، هل فعلًا أنا مؤمنة وأسلّم كلّ شيءٍ لمن يقضي بعدل، أو فقط أتغنّى بالشّعارات الرّوحية. ونتساءل عندما تنقلب الأعمدة في حياتنا على أيّ أساس نظلّ واقفين؟ أعلى أساس أن الربّ يعلم كلّ شيءٍ ويتحكّم بالأمور أم على أساس أنّ الحياة ظلمتني وأنّ الربّ تركني.
السّرطان يوقفك أمام الموت وجهًا لوجه وذلك منذ اللحظة الأولى التي تعرف فيها بإصابتك به (سواء شفيت لاحقًا أم لا). السّرطان يمتحن ما أنت تؤمن به ويتحدّى ويعرّي إيمانك ولا يتوقّف عن زرع الخوف في داخلك ليضرب فكرك، جسمك، نفسك، إيمانك وسلامك في المسيح. المرض يجعلك في تحدٍّ يوميّ.
تُرى من يربح في النّهاية أنت أو السّرطان؟ إلهك أم خوفك؟ هل إيمانك هو مثل شعرٍ مستعارٍ مترنّحٍ تضعه يومًا وتخلعه يومًا آخر؟ أمّا بالنسبة إليّ فأنا عزمتُ أن أصلّي كلّ يوم إلى إلهي الطيّب: “يا ربّ في مرضي أنا آتٍ إليك عند أقدام صليبك وأرفع يديّ نحوك فأنا لا أعرف ماذا ينتظرني ولكن أعلم أنّك ممسكٌ يدي حتى آخر نفسٍ في حياتي، وسأبقى مؤمنة أنّك: فِي يَوْمِ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي. شَجَّعْتَنِي قُوَّةً فِي نَفْسِي.” (مزمور 138: 3).