“الحرب” كلمة مُخيفة. فعندما نسمع كلمة “حرب” يتبادر إلى ذهننا حالاً الحرب العسكريّة التّقليديّة، وتظهر أمامنا صور المُشرَّدين والقتلى والدّمار. وفي مجتمعنا المعاصر، يُحكى عن الحروب النّوويّة والاقتصاديّة أيضًا، وكلّها تُسبّب مآسٍ للبشريّة حيثما حلّت. ولأنّ الحروب صعبة ونتائجها كارثيّة، فلا بدّ من صناعة السّلام لخير النّاس والمجتمعات، مهما كان الأمر صعبًا، ولا ننسى قول المسيح: “طوبى لصانِعي السّلام لأنّهم أولاد الله يُدعَون”.
لكن، هناك حرب قاسية من نوع آخر: إنّها حرب المؤمنين مع إبليس عدوّ النفوس. وهذه الحرب تأخذ أشكالاً أخلاقيّة وروحيّة واجتماعيّة متعدّدة في عالم تنتشر فيه الشّرور بكثرة وبقوّة، ومنها: التّجارب والخطايا والفساد والانحطاط الأخلاقيّ، وغيرها من سهام إبليس الملتهبة الّتي يوجّهها إلى عقول الأتقياء وقلوبهم الّذين يُحاولون العيش بسّلام. ومن الخطط الّتي ينجح إبليس في استخدامها لضرب قلوب المؤمنين بشكل عامّ: القلق على الأولاد والحالة الاقتصاديّة والمستقبل، والخوف من المرض والفشل ومن المجتمع… وهناك خطايا لها علاقة بمقارنة أنفسنا بالآخرين كالحسد والنّميمة والاختلاس والكذب، وخطايا لها علاقة بشعورنا تجاه الآخر كالكراهية والبغض وما ينتج عنهما.
ما العمل من أجل مواجهة رابحة؟ وهل من الممكن أن ينتصر المؤمن في هذه الحروب؟ يُعطينا الكتاب المقدّس نصائح تبدأ بمعرفة عدوّنا وحِيَلِه، لنستطيع أن نُقاومه معتمدين على كلمة الله والرّوح القدس. ومن أهمّ ما علينا القيام به هو الثّبات في الإيمان، وقراءة كلمة الله ودراستها والتّأمل فيها، والصّلاة المستمرّة لطلب حماية دم يسوع يوميًّا. ولا خوف عندها من المواجهة والمقاومة، إذ يكون النّصر حتميّ كما يقول الرّسول بطرس: “فَقَاوِموه (أي إبليس) راسِخين في الإيمان، عالِمين أنّ نفس هذه الآلام تُجْرى على إخْوَتكُم الّذين في العالَم. وإله كلِّ نعْمَةٍ الّذي دعانا إلى مَجْدِه الأبَديّ في المسيح يسوع، بعد ما تألَّمْتُم يسيرًا، هو يُكَمِّلُكُم، ويُثبِّتكُم، ويُقَوّيكُم، ويُمَكِّنُكُمْ” (1بطرس 5 : 9 – 11).
لقد انتصر يسوع في جبل التّجربة وعلى الصّليب، وربح الحرب مع إبليس، وبهذا أعطانا إمكانيّة الغلبة لأنّنا نسير معه، وإن كان الله معنا فَمَن علينا!