قد يُعتبَر السَرطان أحدْ أبرز الأمراض المُعاصِرة وأشدَّها فَتكًا وتأثيراً. تعدَّدتْ أسبَاب الإصابَة بالسَرطان وأكثريَّة الحالات الطُبيَّة تبدأ بالتطوُّر في الجِسم البشري من دون ظُهور أيِّ عوارض مَرَضيَّة واضِحة في المَراحل الأوليَّة. لذلك لُقِّبَ السَرطان بالقاتِل الصَّامِت، لكن هذا الأمر لا يُقلِّلُ من شأنِ التبِّعات السلبيَّة التي تبدأ بالظُهور في مَراحِل المَرض المُتقدِّمة والتي غالبًا ما تكونُ مُؤلِمَة وقاتِلة.
العوامل المسبّبة للسرطان
أسباب السَرطان كثيرة، ولكن العِلم الحَديث يُبيِّنُ الأسباب ونتائجَها في ضوءِ الإكتشافات والدِّراسات المُعَمَّقة. بحَسَب الجمعيَّة الأمريكيَّة للسَرطان، فإنَّ الأسباب الرئيسيَّة للمَرض هي كالتالي:
- وجُود عامِل وراثي في العائِلة. هذا لا يعني أنَّنا ورِثنا الجينَات (DNA) المُسبِّبة للسَرطان من أهالينا، لكن هُناك بعضُ الأنواع مثل سَرطان الثدي والرَحَم وسَرطان الدَّم قد تكون مُرتبطة بوظائف جينيَّة مُعيَّنة تتأثَّرُ بعوامِلَ أخرى مثل الغذاء والضّغوطات والتلوُّث البيئي.
- التدخين له صِلة أيضًا بالسَرطان وذلك نتيجةً للعناصِر الكيميائية التي يتكَّون منها التنباك والتي عند إحتراقها تُكوِّن مواداً سَرطانيَّة خبيثة.
- الغِذاء والحَركة الجسديَّة لهُما التأثير البيِّن في عددٍ من السَرطانات وذلك بسَبب وجود عددْ من الأطعمة المُشبَّعة بالدُّهون والسُكريَّات المُكثَّفة والتي تُسبِّب الأكسَدة في الدَّم وبالتالي إنخفاض مُعدَّلات الأوكسجين، مما يُهيِّأ الأرضَّية المُناسِبة لنمُّو الخلايا السَرطانيَّة على مدى سنواتٍ طويلة.
- التعرُّض لأشعَّة الشمس الضَّارة والإشعاعات النوويَّة المُنخفِضة مثل الأشعَّة ما فوق البنفسجيَّة قد يُؤدي إلى الإصابة بسَرطان الجِلد، الذي هو أحدُ أخطرْ السَرطانات المعرُوفة.
- التعرُّض للمَواد الكيميائيَّة الموجُودة داخل بيوتِنا مثل سوائِل التنظيف، أدوات الطهي غير الصحيَّة، غازات المُبرِّدات والإنبعاثات الغازيَّة وغيرها قد تُساهم بالتسبُّب بالسَرطان.
العلاجات المتنوعة للسرطان
مع تعدُّد أسباب السَرطان تنوعَّت العِلاجات. بحَسَب الجمعيَّة الأمريكيَّة للسَرطان أيضًا، فإنَّ العِلاجات الرئيسيَّة للسَرطان تشمَل الجراحَة وذلك بإزالة الورَم الخبيث، والعِلاج الكيميائي الذي يقضي على الخلايا السَرطانيَّة بالإضافة إلى تلكَ الطبيعيَّة، والعِلاج النووي بالأشعَّة المُوجَّهة، والعِلاج المَناعِّي بإستخدام الخلايا الجَذعيَّة والأجسَام المُضادَّة التي تُهاجم الخلايا السَرطانيَّة وتقضي عليها، والعِلاجَات الطبيعيَّة والتي تتعلَّق بالغِذاء، والنشاط الجسدي والحِماية من الجَراثيم والفيروسات التي تُسبِّب الإلتهابات والتي هي من مُسبِّبات السَرطان.
أبعاد كتابية عن السرطان
في النظرة الكتابيَّة للسَرطان، لم يذكُر الكتاب المقدَّس هذا المرض بالتَّحديد. إلا أنَّهُ يُحدِّثنا عنهُ بشكلٍ عامْ في معرَض كلامِهِ مثلاً عن الملك حَزَقِّيا (٢ ملوك ٦:٢٠-٨)، أو من خلال عمليَّات الشِّفاء التي مارسَها المسيح والتي شمَلت بالتأكيد أمراضًا سرطانيَّة غير مُحدَّدة. فمَرض السَرطان كالأمراض الأخرى هو من نِتاج سُقوط الإنسان في الخطيَّة ولعنةُ الأرض (تكوين ١٧:٣( وليسَ بالضَّرُورة قِصاصًا مِن الله. فنحنُ نرى أنَّ الإصابة بالسَرطان يشمَلُ المؤمنين وغير المؤمنين، ولا يتقيَّد بالمراتِب الإجتماعية أو الثقافة العلميَّة. ولكن الذي يُعزِّينا أننا في عالمٍ مليء بالدموع والأمراض لنا تعزية وسلام وشِفاء (مزمور ١:١٠٣-٤).
الوقاية من الإصابة بالسَرطان يُحدِّدُّه نمطُ الحياة والسلوك البيئي والإجتماعي والحِمَاية من الأمراض الخبيثة التي بالتالي تؤدِّي إلى السَرطان. لنتذكَّر أنَّ حِمايتَنا وحِصنَنا المَنيع في هذا العالم المادِّي المُلوَّث بالخطيَّة والموت هو شخصُ الربِّ يسوع لهُ المجد.