لا ينظر النّاس إلى الطّاعة بإيجابيّة. نحن من هؤلاء النّاس الّذين لا نأتي إليها من القلب وبفرحٍ وطواعيّة. حتّى لو قلنا إنّنا نؤمن بتعليم الكتاب المقدّس، إلّا أنّنا نستبعد الطّاعة من حياتنا لأنّنا نُقدّس حرّيّتنا وأفكارنا إذ نحن “أبناء المعصية” (أف 2: 2). المسيح يُغيّر فينا قلوبنا ويجعلنا “أولاد الطّاعة” (1بط 1: 14). وعندما يُغيّر فينا المسيح حياتنا وتوجّهنا يُغيّر فينا نظرتنا للطّاعة.
ترتبط الطّاعة في الكتاب المقدّس بمفهوم الإستماع للرّبّ. الله إله يتكلّم ومن المفروض بالنّاس أن يسمعوا له ويُطيعوه إذ له السّيادة على أرواح البشر. مؤسف حقًا أنّه يتكلّم والنّاس لا يسمعون (مز 81: 11؛ إر 7: 24-28؛ 1كو 14: 21).
يسمع البعض جزئيًّا. ينتقي ما يُريد ويعرض عمّا لا يُعجبه. العلاقة مع الله ليست نسبيّةً ولا استنسابيّة. إمّا يرتبط القلب بالله ويسمع كلّ ما يقوله حول العلاقة به والمسلك في الحياة، أو يكون الإنسان بحالة العصيان. يُمارس النّاس الطّقوس الدينيّة ويظنّون أنّهم يُطيعون الله ويرضونه. الحقّ يُقال هو أنّ الله يتوقّع منهم تسليم القلب له بالكامل قبل قيامهم بالفروض الطّقسّية (1صم 15: 22؛ إر 7: 22).
نتعلّم الطّاعة من نموذجين متناقضين في الكتاب المقدّس. فهذا آدم الأوّل الّذي رأى الله وسمعه شخصيًّا. آدم سمع، ولم يسمع. أي أنّه سمع ولم يُطِع. وبمعصيته عرّض نسله للآلام والموت (رو 5: 19؛ 1كو 15: 22). وهناك آدم الثّاني، يسوع، الّذي سمع وقدّم نفسه قربانًا وأطاع حتّى الموت، فصار سبب خلاص للّذين يُطيعونه (في 2: 8؛ عب 5: 9؛ 10: 5-10). أي نموذج نتبنّى؟ بمن نقتدي؟ نموذج “الآدميّ” أو نموذج “المسيحيّ”. الأوّل يقتدي بجدّه الأول. الثّاني يقتدي بالمسيح. إذًا “في المسيح” نكون على مستوى أعلى من السّمع والطّاعة.
لا يأتي المسيحيّ إلى الطّاعة متعبًا في قلبه ومثقل الخطوات. همّه أن يُفرّح قلب الله الّذي يُسرّ بمن يُطيعه (خر 19: 5). طاعة الله هي كالهديّة التي نُقدّمها لمن نُحبّه فيُكرمنا بالمزيد من الحُبّ والرّضى (إر 31: 33؛ 32: 40؛ حز 36: 26).
وفي العهد الجديد لم يتغيّر الموضوع. أنت تؤمن بالمسيح أنت تُطيعه. أنت تطيع المسيح أنت مُخلّص. (رو 6: 17). من لا يطيع المسيح لا يخلص (عب 5: 9). من يقول أنّه مؤمنٌ بالمسيح وهو لا يحفظ وصاياه ويعمل الأعمال المرضية أمامه لا يكون قد اختبر الإيمان الحقّ. (1يو 3: 21-23). عندما نقرأ أنّ جمهور من كهنة اليهود أطاعوا الإيمان ماذا نفهم؟ نفهم أنّهم أطاعوا البشارة بيسوع وتخلّوا عن موقعهم السّابق، وقناعاتهم السّابقة، وممارساتهم السّابقة، وجاؤوا لاختبار الطّاعة الكاملة للمسيح.
والطّاعة تكون في كلّ حين، حتّى عندما لا يكون هناك من يرانا، أو حتّى عندما يكون هناك من يعترضنا (في 2: 12). بطرس الرّسول كان شعاره، “ينبغي أن يُطاع الله أكثر من النّاس” (أع 5: 29). فهو لم يعتبر من واجبه أن يسمع لأحد أكثر من الله (أع 4: 19). لقد كان مسيحيًّا حقيقيًّا
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.
اختيارات المحرر
الطّاعة المسيحيّة
لا ينظر النّاس إلى الطّاعة بإيجابيّة. نحن من هؤلاء النّاس الّذين لا نأتي إليها من القلب وبفرحٍ وطواعيّة. ترتبط الطّاعة في الكتاب المقدّس بمفهوم الإستماع للرّبّ. نتعلّم الطّاعة من نموذجين متناقضين في الكتاب المقدّس. فهذا آدم الأوّل الّذي رأى الله وسمعه شخصيًّا. وهناك آدم الثّاني، يسوع، الّذي سمع وقدّم نفسه قربانًا وأطاع حتّى الموت، فصار سبب خلاص للّذين يُطيعونه.
شاركها.
فيسبوك
تويتر
لينكدإن
البريد الإلكتروني
واتساب
التالي كيف نحبّ الرّب؟