كثيرًا ما يتساءل الانسان عن صحّة قرارته وخياراته. هل قام بالخيار الصّائب؟ هل يجب قبول هذا العمل أو ذاك؟ وعندما يريد الفرد أخذ القرار يبدأ بالتردّد، وهو ما يجعله متأرجحًا في قراره ولا يثبت على رأيٍ واحد. فما هي هذه الأسباب وكيف يمكن معالجتها؟
يتحدّث العلماء عن أسباب التّردد، ويضعون “الخوف” السّبب الأوّل والأهمّ، فالخوف يجعل الفرد عاجزًا عن العمل في أيّ مجال مهما كان، ويعطّل قدرته على اتّخاذ خطوات للأمام خاصّة لأنّ الإنسان بطبيعته يخاف من كلّ ما هو مجهول. ومن الأسباب الأخرى، قلّة الثّقة بالنّفس وهي تتمحور حول عدم ثقة الفرد بأنّه قادر على التغلّب على الصّراع ممّا يمنعه من النّجاح في أيّ عمل. وغيرها من الأسباب منها عدم معرفة الهدف وضبابيّة الرّؤية للسعي نحو الكمال وكذلك الاهتمام لآراء الناس…
ومن النّاحية العلميّة يمكن التغلّب على التّردد من خلال تعزيز الثّقة بالنّفس وأخذ وقت كافٍ في التّفكير، تحديد الأهداف الرئيسيّة، تحديد المشكلة التي تواجهك، تحمّل المسؤوليّة متمسّكًا بالطّموح… أمّا الكتاب المقدّس فيتحدّث عن العديد من الأشخاص الّذين مرّوا في فتراتٍ من حياتهم وواجهوا مشكلة التّردد، على سبيل الذّكر النبيّ يونان عندما طلب منه اللّه الذهاب إلى مدينة نينوى للكرازة فشعر بالتّردد، عندئذٍ، قرّر الصّعود إلى السّفينة والهرب إلى مدينة ترشيش. وفي أثناء الرّحلة، هبّت عاصفةٌ عنيفةٌ مما اضطرّ طاقم السفينة إلى إلقاء يونان في البحر والله جهّز له حوتًا ليبتلعه، وفي تلك الأثناء قرّر يونان أن يطيع أمر الله والاتّكال عليه وعاد إلى مدينة نينوى لإكمال ما طلبه الرّبّ منه في البداية وإطاعته.
كذلك الأمر عند قراءة قصّة النّبيّ موسى كيف امتلك ثقةً بنفسه بعد أن ظهر له الّله على هيئة شعلة نار في العلّيقة، وطلب منه الذّهاب إلى فرعون وإخراج شعب اللّه من مصر وتحريرهم من العبوديّة. في البداية كان خائفًا “ماذا لو لم يصدّقه الشّعب؟” ومن ثمّ لم يكن واثقًا أنّه قادرٌ على هذا العمل لأنّه ثقيل الفم واللّسان. ولكن، عندما وثق النّبيّ موسى بالله واتّكل عليه، استطاع الذّهاب إلى فرعون وأكمل العمل وذلك بمساعدة هارون أخيه وبموافقة من الله.
نرى أنّ في الحياة مخارج يعطيها الله إلينا، تكمن في الإيمان والصّلاة والاتّكال عليه. ولكن يبقى السّؤال: من يسير معك في غربتك في هذه الحياة وعلى من تتّكل؟