علاج كلّ شخص يعتمد أولًا على نفسه، وليس له وقت معيّن لينتهي. وعلى المريض أولًا أن يعترف بعوارضه ويقرر مقاومة المرض. وفي زيارته للطبيب يجد نفسه مضطرًا الإجابة على بعض الأسئلة لتشخيص مرضه، ومنها: ماذا أشعر؟ ما هي عوارض مرضي ومنذ متى ابتدأت؟ وهل يمكنه وصف آلامه؟
وفي بعض الحالات الصعبة يجد المريض نفسه مضطرًّا أن يصف شيئًا غير مرئيّ وغير ملموس وبالتالي يعجز عن الرّد مما يجعله يظنّ أن لا أحد يفهمه أو يشعر معه. وهكذا قد ينتقل للتذمّر من الألم والعلاج والمعالج وكلّ ما له صلة بمن يحيط به. فيبني حاجزًا بينه وبين المحيطين به وينعزل ويتنكّر للواقع.
أمّا وإن طال انتظار الشفاء فيدخل المريض في مرحلة اليأس. ومنهم من يتوقّف عن طلب الحلّ رافضًا أيّة مساعدة. وقد يستاء من تعابير المحبّة الواردة من أهله وأصدقائه ظانًا أنها شفقة مهينة له. وهكذا يرفض منهم الدواء حتى ولو كان يشفيه أو يُحييه وذلك على الرغم من خوفه من الموت ورفضه له. وقد ينتقل لإدانة الحياة بقسوة ويصير غير ممتنّ حتى مما كان يعتبره سابقًا بركة ميّزه الله بها. ويغرق بدوامة الألم والمرارة متهمًا المرض، أو حتى الله، بأنّهما السبب خلف غضبه ويأسه وفقدانه لسلامه متوقًعًا ممن حوله أن يتقبله كما هو.
لدينا جار في حيّنا، سأدعوه إبراهيم، يُحبّه الجميع وهو كان يعيش حياة هانئة إلى أن أصابه مرض عضال جعله يُعاني كثيرًا ولمدّة طالت. وإذ فقد الأمل وطالت معاناته انتقل إلى السلبيّة وصار يُحارب الذين يُحاولون مساعدته.
حزين ابراهيم! لم يدري أنّه قد ابتدأ يؤلم أحباءه. وبدل أن يُسهّل عليهم مسعاهم في التخفيف عنه، تحوّل إلى محارب لهم فابتدأوا بالإبتعاد عنه وصار يخسرهم واحدًا واحدًا.
كيف نُساعد مريض كجارنا العزيز؟ هناك الكثيرون مثله في جميع العائلات والأحياء. ضروري أن يقتنع هؤلاء أنّه لا بد من مواجهة المرض بطريقة مختلفة. فسلبيتهم ورفضهم تؤخّر عمليّة الشفاء وقد تجعلها مستحيلة. لا بُدّ أن يقول أحد ما لإبراهيم أن يوقف التفكير السلبيّ فهو عائق مُدمّر لشفائه. وعلى ابراهيم أن يتقبّل مساعدة الغير ويتعاون معهم بدل ان يعكس عليهم يأسه. إن كلمات الشكر والإمتنان لهؤلاء المُحبّين تُعطيهم قوّةً لهم للاستمرار بخدمته بأجواء عارمة من الرجاء والنصر.
بعد جهد وصلاة، تمكّنت أن أقول لإبراهيم أن يُفكّر بمستقبله برجاء وأمل إذ الله لديه حلّ لكلّ مشكلة. وأن لا يسترسل بالتشاؤم والسلبيّة مُسهلًا على الشيطان عمله وهو الخبير بخلق المشاكل لكلّ الحلول! إبراهيم اقتنع أخيرًا أنّه قادر أن يصنع أسطوانة انتصاره مع الرّبّ شافيه وراعيه واكتشف أن قصّة ألمه اليوم هي قصّة انتصاره غدًا.