المواجهة الحتميّة

يفرح الإنسان ويشعر بالاكتفاء الذّاتيّ عند حلول المفاجآت السّارّة الّتي لا يتوقّعها. أمّا المفاجآت "غير السّارّة"، فتُنتِج شعورًا بخيبة الأمل والفشل وربّما الانكسار النّفسيّ. ولتفادي مفاجآت كهذه، يجتهد الإنسان في ترتيب أموره والتّخطيط لنجاحاته في الحياة. ومع هذا، تحصل المفاجآت غير السّارّة. فهذا رياضيّ يتدرّب طوال العام ليشارك في البطولة. وقبل موعدها بأيّام، يُصاب بحادث عرضيّ في أثناء التّمارين يمنعه من المتابعة. وذاك تلميذ يدرس للامتحانات الرّسميّة. وقبل موعدها، يُصاب بوعكة صحّيّة تمنعه من الذّهاب إلى مركز الامتحان. وذلك إنسان يعمل جاهدًا ويخطّط لتوسيع عمله، إلاّ أنّ اضطرابات أمنيّة تمنعه من تحقيق طموحه. أسوأ ما في الأمر أنّك لا تتوقّع حصول هذه الأمور، لأنّ احتمالاتها ضئيلة؛ فلا تستعدّ للأسوأ.

أعطى الرّبّ يسوع مَثَل الغنيّ الغبيّ ليُعلّمنا الاستعداد للمفاجآت غير السّارّة. هذا الرّجل جمع كنوزًا كثيرة. وحين ظنّ أنّ الوقت قد حان ليتنعّم بها، فاجأه الموت بغتة. في الواقع، إنّ الموت هو من المفاجآت غير السّارّة الّتي لا يتوقّعها أحد، ولا يعرف توقيت حصولها. وبما أنّ الموت يحصل مرّة واحدة للإنسان، فلا يمكن أن يكون لديه الخبرة في التّعامل معه. ناهيك عن أنّ لا سيطرة للإنسان عليه، ولا يمكن تجنّبه أو رفضه. جلّ ما يمكن القيام به هو تجاهله أو نسيانه أو الظنّ أنّه ما زال بعيدًا عن الزّمن الحاضر؛ فنؤجّل التّعامل معه إلى وقت لاحق.

إنّ المواجهة الحتميّة الّتي أتكلّم عليها هي بين الإنسان والموت. فبدلاً من تأجيل التّفكير في الموت، لماذا لا تفتكر فيه جدّيًّا قبل أن يباغتك؛ فتستعدّ للانتصار عليه قبل أن يغلبك؟ إنّ موت الأحبّاء من حولنا هو أمر مؤلم للغاية، لكنّه جرس إنذار يذكّرنا بأنّنا نقف في الصّفّ، وسيأتي دورنا لا محالة. فكيف لنا أن نتواجه مع عدوّنا المخيف هذا؟

أفضل ما افتكر فيه الإنسان المعاصر لمواجهة الموت هو بوالص التّأمين على الحياة الّتي تؤمّن حياة كريمة لعائلته بعد موته. لكن، هل حقًّا يكون قد استعدّ لمرحلة ما بعد الموت؟ إنّ الاستعداد الحقيقيّ يكون بالتّحضّر لمواجهة الدّينونة الّتي سيقف أمامها بعد انتقاله من هذه الحياة؛ فالله سيَدين المسكونة بالعدل، ويقف أمامه كلّ إنسان ليُقدّم حسابًا عن خطاياه الّتي ارتكبها؛ فيُحكم عليه وينال جزاءه العادل. إنّ أجرة الخطيّة هي الموت الأبديّ، أمّا الاستعداد لمواجهة الموت والدّينونة، فيكون عبر الإيمان بيسوع المسيح والتّسليم له.

يظنّ بعض النّاس أنّ التّبرير يصير من خلال دفع المال كالصّدَقات، أو الصّوم والصّلاة، أو القيام بأعمال صالحة لمحو خطاياهم؟ لكنّ الكتاب المقدّس يقول إنّ الأعمال الصّالحة لا تفيد؛ فالخلاص لا يحصل بأعمال البِرّ الّتي يعملها الإنسان، بل بالإيمان بما فعله المسيح بموته الكفّاريّ البديليّ عن خطايا البشريّة. المسيح يدعو الخطاة إلى أن يُقبِلوا إليه مُعتَرِفين بخطاياهم وينالوا باسمه غفران الخطايا، وتكون لهم الحياة الأبديّة إنْ هم آمنوا. مَن يؤمن بالمسيح، يتأكّد من مصيره بعد مواجهة الموت. استعدّ لنفسك أيّها القارئ، ولا تتوان لأنّك لا تعلم متى تكون ساعة رحيلك. ابتدئ الآن؛ فهذه مواجهة حتميّة لا يُمكنك تفاديها.

الكلمات الدلالية