من المستحيل أن تسير في الحياة من دون أن تُحدِث احتكاكًا
أصدقائي الأحبّاء، إنّ جامعة “بوب جونز” في “ساوث كارولاينا” هي مؤسّسة مُميّزة وغير اعتياديّة. وفي الوقت الّذي تُعاني فيه مؤسّسات تربويّة دينيّة عديدة في أميركا مشاكل عديدة، ينعم مجتمع هذه المؤسّسة بالسّلام والسّعادة، على الرّغم من وجود معايير عالية للأخلاق. ومع هذا، نجد بعض النّاس ينتقد قائلاً: “لا يُمكنكم أن تفعلوا هذه الأمور في أيّامنا هذه”.
كان هذا الانتقاد يُزعجني في البدء، إلاّ أنهُ لم يعد يُقلقني إطلاقًا بعدما صرتُ أعرفُ الطّبيعة البشريّة. لم أكن كذلك عندما كنتُ شابًّا. فعندما كنتُ يانعًا كنتُ أقول: “إنْ أحببتَ الجميع، وكنتَ لطيفًا معهم، فسيُحبّك الجميع”. لكنّني تعلّمتُ من الاختبار المُرّ أنّ الأمر ليس صحيحًا.
وهكذا، لا يُمكنك أن تحرك من دون أن تُحدث احتكاكاً، وذلك في دروب الحياة كلّها. فالنّاس لا يُمكنهم أن يغفروا لك إن تجاوزتهم في الطّريق وسبقتهم في المسير، هذا يتطلّب الكثير من النّعمة. لقد كان الواعظ التّبشيريّ المُميّز “سام جونز” يقول: “يحتاج المرء إلى الكثير من النّعمة ليقول “آمين” عندما يقوم أحدهم بعمل ما كان يُريد هو أن يعمله، ولم يتمكّن من ذلك”. هذا الكلام صحيح في الحياة، لذلك لا تخافوا من أعدائكم. فإن كانت إنجازاتكم تخلق لكم الأعداء، فهذا إطراء لكم.
لن تجدوا يومًا أناسًا يدورون حول رجل ميتٍ ليُقاوموه. لقد كان “بيللي صانداي” أحد أطيب أصدقائي في الحياة. وأتذكّر يوم مات هذا الخادم الأمين، لم يلعنهُ أحدٌ على الرّغم من كلّ أعدائه في الحياة. قرأتُ بعض الجرائد يومها، ورأيتُ كم تكلّموا عليه بشكل جيّد بعد موته، إلاّ أنّ أذنهُ الصّمّاء ساعتئذٍ لم تكن تسمع.
كذلك، لا نسمع اليوم بأحد يحترم نفسه ويتكلّم ضدّ يسوع. هناك عدد كبير من النّاس لا يقبله مُخلِّصًا له، وعدد كبير جدًّا يرفضه كربّ، إلاّ أنّهم يعترفون بصلاحه. لكن، يا لهول الكلمات الّتي تكلّموا بها ضدّه يوم كان هنا. لقد ذهب إلى الصّليب مع رجالٍ استهزأوا به وبصقوا عليه. لكن، بينما كان المسيح يسير نحو الجُلجُثة، كان يُحدِثُ احتكاكًا.
أنتم أيضًا، لا يُمكنكُم أن تتحرّكوا من دون أن تُحدثوا احتكاكًا. لا يُمكنكم أن تقفوا إلى جانب يسوع المسيح من دون أن تُحدثوا احتكاكًا. يقول الكتاب: “ويلٌ لكم إذا قالَ فيكُم جميعُ النّاسِ حسنًا” (لوقا 6: 26). لقد كان دائمًا أمرًا مُكلفًا أن يحيا الإنسان للمسيح. المسيحيّ الحقيقيّ يتحرّك مع الله حتّى لو كان الله يسير عكس تيّار العصر الّذي يُعظّم الجسد والانحلال والأنانيّة. الله يسير عكس التيّار، وإن سرت مع الله، فالعالم يسير ضدّك. لكن، إن كان الله معك لا يهمّ مَن هو ضدّك “فإن كان اللهُ معنا فمَن علينا؟” (رومية 8: 31).
اشكُر الله من أجل أعدائك، إن اشتريت عداوتهم عن وجه حقّ. لكن، انتبه لئلاّ تتعمّد صنع عداوتهم. فما عليك عمله هو أن تحيا باستقامة وأمانة، وأن تكون مسيحيًّا حقيقيًّا وفيًّا للمسيح يسوع، وأن تعمل الأعمال الصّالحة بأفضل شكل تستطيعه، من دون أن تسمح لما يقولونه ضدّك من أن يصير حقيقة في حياتك. فمن المقبول جدًّا أن يقولوا ضدّك أموراً سيّئة طالما هي كاذبة.
الدّكتور بوب جونز الأوّل
مؤسّس جامعة بوب جونز، غرينفيل، ساوث كارولاينا