في الرّابع والعشرين من كانون الأوّل سنة 1968 دارت أوّل مركبة فضائيّة بشريّة حول القمر. حملت أبولّو ثمانية على متنها جايمس أ. لوفيل وويليام آندرز وفرانك بورمان، ودار هؤلاء الثّلاثة حول قمر الأرض عشر مرّات قبل إطلاق محرّكاتهم للعودة إلى الوطن. اقتربوا إلى أقصى حدٍّ من القمر وهناك طافوا على ارتفاع تسعة وستّين ميلاً فقط عن سطحه الرّماديّ المقفر.
بثّ روّاد الفضاء، في خلال دورتهم التاسعة، صورًا إلى الأرض واصفين رهبتهم حيال كآبة القمر وجمال الأرض وأعطوا تعليقاتهم على لا لَونِيّة القمر. (تُعتبَر صورة بورمان لنصف الأرض المعلّق فوق أفق القمر أشهر صورة التُقِطَت من الفضاء، واعتمدتها الخدمة البريديّة على أحد طوابعها).
دوّن فرانك بورمان في وقتٍ لاحق في سيرته الذّاتيّة “العدّ التّنازليّ” الآتي: “كان هناك إنطباعٌ واحدٌ أردنا أن ننقله وهو شعورنا بقربنا من خالق كلّ الأشياء، حصل هذا عشيّة عيد الميلاد في الرّابع والعشرين من كانون الأوّل 1968، وسلّمتُ جيم وبيل المقاطع التي سيقرآنها من الكتاب المقدّس”.
قبل نحو ستّة أسابيع من إطلاق المركبة، اتّصل مسؤولٌ في وكالة النّاسا ببورمان وقد عَلِمَ بأنّ الطّاقم سيدور حول الأرض ليلة الميلاد، وقال له: “نحن نعتبر أنّ هناك أشخاصًا سيستمعون إلى صوتك أكثر من صوت أيّ رجلٍ في التّاريخ. لذا نريدك أن تقول شيئًا مناسبًا”.
وقبل أن يفكر بورمان في ما سيقوله، استنجد بصديقه ساي بورغن الموظّفٌ في وكالة النّاسا. وبدوره طرح بورغن السّؤال على جو لايتن المراسل السابق لوكالة يونايتد برس الدّوليّة. أُعجِبَ بورمان باقتراح لايتن وطبع الكلمات على ورقة مضادة للحريق.
قرأ بيل آندرز تكوين 1: 1 – 4 “في البدء خلق الله السّموات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرفّ على وجه المياه. وقال الله’ ليكن نور‘ فكان نورٌ. ورأى اللهُ النّورَ أنّه حسنٌ. وفصل بين النّور والظّلمة”.
أخذ جيم لوفيل الآيات الأربع التّالية “ودعا الله النّورَ نهارًا، والظّلمة دعاها ليلاً. وكان مساءٌ وكان صباحٌ يومًا واحدًا. وقال الله ’ليكن جلدٌ في وسط المياه. وليكن فاصلاً بين مياهٍ ومياه‘. فعمل الله الجلد، وفصل بين المياه الّتي تحت الجلد والمياه الّتي فوق الجلد. وكان كذلك. ودعا الله الجلد سماءً. وكان مساءٌ وكان صباحٌ يومًا ثانيًا”.
وأنهى فرانك بورمان بهذه الآيات “وقال الله’ لتجتمع المياه تحت السّماء إلى مكانٍ واحدٍ، ولتظهر اليابسة‘ وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضًا، ومجتمع المياه دعاه بحارًا. ورأى الله ذلك أنّه حسن”.
وعندما أكمل الرّجال دورتهم حول القمر، قال لوفيل: “لا أعرف من كان رفاقك الإثنين، ولكنّهما بالتّأكيد أصابا الهدف”. وبعد سبعة أشهرٍ، هبط الأميركيّون على سطح القمر.