عندما سألني إبني

فاجأني ابني ذُو التّسع سنوات بسؤالٍ لم أتوقّعه قط، قال: "ماما، أنا أحبّ الربّ وأحبّ أن أتبعه، ولكن لماذا حياة الإيمان صعبة؟ لماذا فيها هذا القدر من التّضحية والأمور الممنوعة والمسموحة؟" كان يسأل من كلّ قلبه وكأنّه يريد أن يتبع الرّبّ لكنّه غير مستعدّ لتحمّل الكلفة.
تذكّرت فورًا قصّة الشّاب الغنيّ الّذي أتى إلى يسوع ليعرف ماذا ينبغي أن يفعل لكي يخلُص. كان قد حفظ الوصايا كلّها منذ حداثته ومع ذلك لم يعلم طريق الخلاص. عرف الرّبّ قلبه المتعلّق بالمال، فطلب منه أن يوزّع أمواله على الفقراء. لكنّه ذهب حزينًا لأنّه لم يستطع أن يحبّ الرّبّ أكثر من ماله، ولم يقدر تحمّل الكلفة وتسليم حياته للمسيح.
افتكرت أيضًا بأشخاص راشدين كثر يسألون هذا السؤّال وهم غير مستعدّين لتحمّل كلفة اتّباع المسيح. فلم يتذوّقوا الفرح الحقيقيّ والسّلام الكامل مع الربّ. ولم يختبروا الاتّكال الكلّيّ عليه، وليس لهم شركة قويّة وعلاقة حقيقيّة معه. ولم تُستجَب صلواتهم. ولم يعرِفوا قيمة الحياة مع المسيح.
فرُحتُ أسرد لإبني بِدءاً من العهد القديم عن نوح الّذي أطاع الرّب بفرح وثقة مُحتمِلًا أشدّ الإهانات والتّعيير من دون استسلام، وعن يوسف كيف رفضَ أن يُخطِئ إلى الله بالرّغم من كلّ الضّيقات الّتي أصابته، فرفّعه الله وجعله ثاني فرعون مصر. وعن موسى رجل الله الّذي رفض العيش حياة الغِنى في مصر ليُنقِذ شعب الرّبّ من العبوديّة. ودانيال الّذي فضّل جُبّ الأسود على السّجود لغير الرّبّ. وصولًا الى العهد الجديد، فأخبرته عن شاول مضطّهد الكنيسة وكيف أصبح بولس الرّسول المبشّر الّذي احتمل المشقّات والآلام والخِزي وحسب نفسه مستأهلًا أن يُهان لأجل اسم المسيح. وأخيرًا شرحت له عن الفرح والسّلام الّذي نتمتّع بهما كمؤمنين جرّاء اتّكالنا الكامل على الرّبّ والّذي يفوق كلّ عقل.
فَرِحتُ كثيرًا إذ رأيت في عينيه شوقاً للحصول على هذا الفرح واختبار هذا الايمان، فرفعتُهُ بالصّلاة أمام الرّبّ وطلبت منهُ أن يحفَظهُ وينمّيهِ بالنّعمة والحكمة والإيمان ويُعطيهِ أن يختبِر بنفسِهِ روعة الحياة مع المسيح.