مات المسيح عن جميع الخطاة. هذه حقيقة نهائيّة في العهد الجديد. ومثلها أن جميع النّاس قد اخطأوا (شموليّة الخطيّة) وما من أحد مُعفى من الوقوف أمام كرسيّ الدينونة (شموليّة الدينونة). ونرى في الوقت نفسه أنّ الله وعد الجميع بالمـُخلّص (شموليّة البشارة). فمات المسيح عن الجميع انسجامًا مع واقع أن الجميع عرضة للقصاص الإلهيّ وإن الجميع في حاجة، بالتالي، إلى الخلاص، وإن الله قد أحبّ الجميع وأراد خلاصهم (شموليّة الفداء). وهكذا، استوجبت شموليّة الخطيّة شموليّة الدينونة، وهو ما استوجب شموليّة الفداء من قبل الله خالق البشر الّذي يُحبّهم ولا يُريد هلاكهم. ومن الآيات الّتي تُظهر أنّ المسيح مات عن جميع الخطاة نختار:
“هوذا حمل الله الّذي يرفع خطايا العالم” (يو 1: 29).
“المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع” (1تي 2: 5-6).
“وهو كفّارةٌ لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كلّ العالم أيضًا” (1يو 2: 2).
أُنجزَ الخلاص على الصّليب، حيث مات المسيح ليُتمّم المصالحة بين الله والخطاة (جميع النّاس)، إلا أنه لا يخلص الجميع، لأنّ الخلاص الفعليّ مشروط بالمصالحة مع الله بالإيمان بيسوع المسيح. المصالحةُ مع الله تفترض إذاً ضرورة أن يؤمن كلّ إنسان بمفرده بموت المسيح (1تي 4: 10)؛ فإن لم يؤمن الإنسان بموت المسيح البديليّ عنه ليرفع عنه خطاياه وعقابها، لا يخلص.
أمّن المسيح إذًا، بموته على الصّليب، خلاصًا كاملاً وكافيًا لكلّ إنسان. وكما أنّ عدالة الله تشمل كلّ النّاس، ومحبّته ونعمته ورحمته هي لجميع النّاس، كذلك فإنّ موت المسيح كافٍ لخلاص جميع النّاس. لا يُمكن الله الكامل في الصّفات الأخلاقيّة، وعنده كلّ شيء بفيض وغنى، أن يُحدّ خلاصه ويقصره على بعضهم ويعجز (أو أنه يقصر) عن خلاص بعضهم الآخر. والله قادرٌ على خلاص مَن يُريد أن يخلص على حساب دم المسيح المسفوك عن خطايا الجميع. إلا أنه تبقى المعادلة التّالية قائمة، طبعاً، من دون المساس بشموليّة الخلاص: “الخلاص متوفّر لجميع النّاس، على أن يستفيد منه مَن يؤمن”. فلا فداء المسيح محدودٌ ومحصورٌ ببعض النّاس، ولا الاستفادة منه ممكنة من دون إيمان، لأن الخلاص لا يُقدَّم لأحد من دون إيمان. هكذا يُتاح الخلاص الكافي لجميع الذين يؤمنون بكفارة المسيح، حسب ما جاء في الإنجيل: “لأنّه هكذا أحبّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة” (يو 3: 16).