من نبوّات يسوع حول الأيّام الأخيرة ومجيئه الثّاني، قوله: “كذلِكَ أيضًا كما كان في أيّام لوط: كانوا يأكُلونَ ويَشْرَبون، ويَشْتَرون ويَبيعون، ويَغْرِسونَ ويَبْنون. ولكنَّ اليوم الّذي فيه خَرَج لوطٌ من سَدوم، أمْطَرَ نارًا وكِبْريتًا من السّماء فأهْلَكَ الجميع. هكذا يكونُ في اليوم الّذي فيه يُظْهَرُ ابنُ الإنْسان” (لوقا 28:17-30). ما الّذي ميَّز ذلك الزّمن حتّى يُقارِن به المسيح آخر الأيّام؟ يومها، تميّزت مدنية سدوم بالسّهول الخصبة وبكثرة مياها ممّا جعلها غنيّة ومشهورة. وبدلاً من أن يَحمد أهلها خالقهم من أجل هذه البركات، وقعوا في آثام الأنانيّة والتّفلّت الأخلاقيّ. فعملوا الرِّجْس في عينَي الله، وانكبّوا على الزّنى وغرقوا في الشّذوذ الجنسيّ. يقول الكتاب المقدّس: “لذلِكَ أسْلَمَهُم الله إلى أهْواء الهوان، لأنَّ إناثَهُم استَبْدَلْنَ الاستِعْمال الطّبيعيّ بالّذي على خِلاف الطّبيعَة، وكذلِك الذّكور أيضًا تاركين استِعْمال الأنْثَى الطّبيعيّ، اشْتَعلوا بشَهْوَتِهِم بعضِهِم لبَعْض، فاعِلينَ الفَحْشاء ذُكورًا بِذُكورٍ، ونائِلين في أنْفُسِهِم جزاءَ ضَلالِهِم الْمُحِقّ” (رومية 26:1-27). فوقعت دينونة الله على سدوم وعلى المدن المحيطة بها، إذ إنّ صراخها ارتفع إلى السّماء وخطيّتها عَظُمَت جدًّا.
لعلّ وضع عالمنا، اليوم، بإثمه المستشري، أضحى على غرار سدوم آنذاك، إذ قد انتشر فجور البشر حول الكرة الأرضيّة، وبخاصّة في المجتمعات المتحضّرة. وللأسف الشّديد، أصبح الناس متقبّلين لمثل هذه الشّهوات ويُدافعون عنها لتبريرها غير مُبالين بسنّة الطّبيعة وبإنذارات خالقها. نعلم من الكتاب المقدّس أنّ دينونة الله هي حسب الحقّ على الّذين يفعلون مثل هذه باختيارهم، وما ينتظرهم هو “قبول دَيْنونَة مُخيفٌ، وغَيْرَة نارٍ عَتيدَةٍ أنْ تأْكُل المضادّين” (عبرانيّين 10: 27). لكنّنا نتعزّى إذ نعلم أنّ الله ما زال يتأنّى على العالم المتفلّت، وهو لا يشاء أنْ يَهلِك أحد بل أنْ يُقبِل الجميع إلى التّوبة. غير أنّ لإمهال الله حدود. وإذ تتشابه أيّامنا بأيّام لوط في سدوم، نعلم أنّ ما يحصل ليس سوى علامات آخر الأيّام واقتراب عودة المسيح. مَن يتأمّل في مصير سدوم وعمورة يعرف أنّ الدّينونة مُخيفَة ومُخيفٌ هو الوقوع بين يدَي الله الحيّ. أمّا الحلّ الوحيد لتفادي تلك الدّينونة الصّارمة، فيكون بالاقتداء بلوط والخروج من سدوم الخطيّة هربًا لحفظ النّفس بارّة أمام الله.