أربعُونَ ثانيةً: زِلْزَالْ أَم صَحْوَة؟

كان كلُّ شيءٍ طبيعيًّا تلك الليلة. فقد عُدْتُ من عملي الجديد الذي بدأتُ به منذ أيّام. عملي الجديد هذا يتطلّب أن أصحو من النوم فجرًا وأعود عصرًا وأنا مُنهك. أتعشّى، أسامر عائلتي لبعض الوقت مع كوبٍ من الشّاي، ثمّ أذهب إلى فراشي باكرًا، أقرأ في الكتاب المقدَّس، ثم أنام.

كان كلُّ شيءٍ طبيعيًّا تلك الليلة. ولكنّه كان هدوء ما قبل العاصفة. ذهبتُ إلى فراشي كالمعتاد، وسريعًا دخلت في نومٍ عميق.

كما في حُلُمٍ، أُفقتُ على صراخ ابنتي وعلى تمرجحٍ وتماوجٍ لسريري. وَثَبْتُ جالسًا وأنا أسألها إن كانت بخير. أجابتني وهي تبكي: "هزّة يا أبي! هزّة!" كانت أوقاتًا مُرِعبةً. استويت على السّرير ورحت أصلّي وأطلب من الرّبّ الحماية والنّجاة. لكنّ الغريب أنّي لم أُصبْ بالهلع. بل على العكس، في تلك اللحظة، وبينما البناء كلّه يتأرجح بجنون وليس فقط السرير، وبينما أنا كنْتُ أحاول تهدئة ابنتي، مَثُلَت في ذاكرتي حادثة السّفينة في الكتاب المقدّس حين كان الرب يسوع يجتاز إلى العَبْر ومعه تلاميذه. تذكّرت تلك القصّة وكيف عصف البحر بموجٍ عظيم مع ريحٍ عاتيةٍ. تذكّرت كيف امتلأت سفينتهم ماءً. تذكّرت كيف أيقظوا يسوع وصرخوا إليه أنهم يهلكون. لكنّني في وسط الزّلزال، وفي وسط صلواتي، تذكّرت كيف انتهر يسوع الرّيح والموج، وكيف أطاعته العاصفة وصار هدوء.

ما لمسني هو سؤال يسوع لتلاميذه بعد العاصفة: "أَيْنَ إِيمَانُكُمْ؟" ألم يعرفوا أنّ يسوع هو ذاك الذي يأمر الرّيح والماء فيطيعانه؟ أين إيماني أنا في هذه العاصفة حينما الأرض نفسها تموج بعنف؟ أليس الرّبّ في سفينتي؟ هو ههنا! هو معنا!

وأنا في هذه الحالة، بين التّأرجح والصّلاة وتكرار سؤال يسوع في رأسي، أمسكت ابنتي وقلت لها بثقةٍ مردّدًا: "اهدئي! اهدئي! ستتوقّف! أعدك، ستتوقّف!" بعد ثوانٍ بدت دهرًا، توقّفت الهزّة! تنفّسْتُ الصّعداء، وهدأت ابنتي.

فإن عصفت الرّياح وماج البحر، وإن اهتزّت الأرض وتزلزلت المسكونة بكاملها، يسوع معنا. كلّ الخليقة تُطيعه! أنثق بأنّه الرّاعي الصّالح لشعبه؟ أنثق أنّه في وسطنا؟ أسنقول له: "يَا سَيِّدُ! يا سَيِّدُ! أَمَا يُهِمُّكَ أَنَّنَا نَغْرَقْ؟" كما قال له تلاميذه؟ أم سنرى في الضّيق عظمته ومجده؟

أربعون ثانية فقط، يا سيّدي الرّبّ، أربعون ثانية كانت كافية لأن نعرف قدرتك ونتعلّم أن ننظر إليك!

الكلمات الدلالية
مجهول (لم يتم التحقق), شباط 21 2023 - 8:43م
Therefore will not we fear, though the earth be removed, and though the mountains be carried into the midst of the sea;
Psalm:46:2
John Babahikian (لم يتم التحقق), شباط 21 2023 - 8:44م
For the LORD most high is terrible; he is a great King over all the earth.
Psalm:47:2