الأمانة للكنيسة والإلتزام في حضور العبادة أمر حيويّ ومهمّ. لا يعرف المؤمن ما يفوته عندما لا يأتي إلى الكنيسة. يقدّم النّاس شتّى الأعذار لغيابهم. مشغولياتّهم كثيرة فوق العادة، وحياتهم بالتّالي مضطّربة ومحمومة ومعقّدة. أولادنا ناشطون في الرّياضة، والموسيقى، وكلّ انواع اللّهو. لم يعد الرّب يحتلّ المنزلة الأولى في سلّم أولويّاتنا، ولا الثّانية، ولا حتّى الرّابعة.
يجب أن تكون العبادة الراقية هدفًا أسمى يسعى إلى تحقيقه جميع جمهور الكنائس ورعاتها وقادتها. يتحدث الرسول بولس عن العبادة في جميع رسائله، لكن ما هي العبادة؟ لم نشهد مرة في الماضي هذا الكم من الإنحرافات في الكنائس التي تؤمن بالكتاب المقدس فيما يتعلق بالعبادة.
الأنواع الخاطئة
أولاً، هناك نوع من العبادة هدفها مُتعة العابدين، في حين أن سرور الله يجب أن يوضع في المقام الأول.
هل رأيت يومًا عروسًا وسخة؟ ألا تستعدّ العروس لتبرُز في أبهى حُلّتها يوم زفافها كي تبدو الأجمل لعريسها؟
وماذا عن مرحلة الخطبة؟ ألا تتهيّأ كل مرّة للقاء خطيبها، فتمضي وقتًا لا بأس به لتنسيق ملابسها، وتصفيف شعرها، ولكي تتبرّج وتضع عطرها المفَضّل؟ فالأناقة والنّضارة ورائحة النّظافة الذّكيّة هي من صفات المخطوبة.
أناسٌ تقفِز... أيادي تُصفِّق... هيصاتٌ وزلاغيطٌ... آلاتٌ صاخبة كالدّرامز والدّربكّة وغيرها، هكذا أضحت العبادة الإنتعاشيّة في بعض الكنائس والإحتفالات الرّوحيّة. ويتساءل البعض: هل عبادة كهذه تليق بربّ المجد؟ وأسأل إن كان هناك بروتوكولاً يفرض التصرّف اللائق والمحترم في حضرة رئّيس الجمهوريّة، ألا يُفتَرض بنا أكثر أن نتصرّف بكلّ احترام ووقار في حضرة الله؟
أُطلق لقب "مسيحيين" على تلاميذ المسيح لأوّل مرّة في التّاريخ في مدينة انطاكية بعد عشرة أعوام تقريباً على صعود يسوع إلى السّماء. كان الحدث مميّزًا على غرار الأفعال الّتي قسمت تاريخ العالم إلى جزئين مختلفين. نقول على سبيل المثال في التّقويم العالمي، ما قبل ميلاد المسيح وما بعده؛ ونشير في تاريخ الكنيسة إلى ما قبل يوم الخمسين وما بعده. من يقرأ سفر أعمال الرسل يلاحظ أن العدد السّادس والعشرين من الاصحاح الحادي عشر هو من هذا النوع من الأحداث. انه انطلاقة جديدة ومختلفة لشعب الكنيسة.
تراجَعَت في الآونة الأخيرة نسبة المؤمنين الَّذين ينتمون إلى واحدة من الكنائس المحليَّة. ويكتفي مثل هؤلاء بانتمائهم الطَّائفي أو الفكري، غير مُدركين أهمِّيَّة الالتزام بكنيسة مُحدَّدة. يُعرِّفون عن أنفسهم على أنَّهم أعضاء في كنيسة المسيح الجامعة أو الكونيّة. ومنهم من يُناصر معلِّماً ما أو يتبع لواعظ شهير ما. ولا ينسجم هذا المنطق أو الأسلوب مُطلقًا مع خطَّة المسيح الذي يُريد للمؤمن أن يكون في كنيسة محلِّيَّة تلعب دوراً محوريّاً في حياته.
قليلون يعرفون ما يواجه راعي الكنيسة من أزمات وتحديّات. يصف الدّكتور "كريزويل" أعداء الرّاعي بـ"لَجِئون" (أي جيش من الشّياطين)، إذ لا يمرّ يوم واحد لا يواجه فيها الرّاعي التّجارب، بما فيها تجربة الاستسلام وترك الخدمة الّتي هي تجربة قاسية للغاية. تقول الإحصائيّات في هذا المجال إنّ واحدًا من عشرة من الّذين يبدأون خدمة الرّعاية، يتوقّفون عنها لسبب أو لآخر في مرحلة ما على الطّريق. وإن بَحَثنا في ماهيّة هذه الأزمات الّتي تواجه الرّعاة، لوجدنا أنّها تتراوح بين الأزمات الصّحيّة والعائليّة والضّغوط الماديّة والاقتصاديّة من جهة، والآلام النّفسيّة الّتي يُعاني منها بسبب عمله مع النّاس من جهة أخرى.