من الضروريّ معرفة ما هو موقف المسيح من الأسفار المقدّسة والتمسّك به، إذ لا يـجوز أن يكون لأيّ مسيحيّ موقف مُغاير لموقف سيّده. وجد العلماء أنّ عُشْر مجموع كلمات المسيح كان اقتباسات من العهد القديم. في استخدامه المتواصل للأسفار المقدّسة، شهد يسوع أنّـها:
أوّلاً: موحًى بها بالكليّة
علّم يسوع أنّ جميع أقسام العهد القديم من ناموس وأنبياء ومزامير هي وحيٌ إلهيٌّ لا بُدّ من أن يتمّ (لو 24: 44). كما استشهد بالعديد من حوادث العهد القديم الّتي اعتبرها حقائق تاريخيّة، والّتي يناقضها علم النّقد المعاصر، ويعتبر أنّـها خرافات أو أساطير. أمثلة على ذلك: خلق آدم وحوّاء (مت 19: 4-5)، مقتل هابيل (لو 11: 51)، نوح والفُلك والطّوفان (مت 24: 37)، زوجة لوط ودمار سدوم (لو 17: 29، 32)، دعوة موسى (مر 12: 26)، الشّريعة والوصايا العشر (مت 8: 4؛ 19: 8)، المنّ السّماوي (يو 6: 31 – 51)، الحيّة النحاسيّة (يو 3: 14)، أليشع ونعمان السّرياني (لو 4: 27)، ملكة سبأ (مت 12: 42)، يونان وشعب نينوى (مت 12: 40 – 41)، شرّ مدينتي صور وصيدا ودينونتهما (مت 11: 21) وغيرها.
ثانيًا: موحًى بها حرفيًّا
شدّد يسوع على أنّ كلّ كلمات الأسفار المقدّسة، وليس فقط الأفكار، هي موحًى بـها من الله. وآمن أنّ مصدر كلّ كلمة في العهد القديم هو الله نفسه (مت 4: 4). وأنّ كلمات الله بأحرفها (ونقاطها) لا يُـمكن أن تسقط (مت 5: 18؛ لو 16: 17). وفي إنـجيل يوحنّا 10: 35، حاجّ يسوع مُعتمِدًا على كلمة واحدة اقتبسها من (مز 82: 6)، “إنْ قالَ آلِهةٌ لأولئِكَ الّذينَ صارَت إِليهِم كَلمَة الله. كما شدّدَ على كونِه لم يتكلّم من نفسهِ لكنّهُ “يقول ويتكلّم” بـما قاله له الآب (يو 12: 49-50). ويـجب ألّا ننسى أنّ يسوع شخصيًّا هو الّذي تنبّأ بدور الرّوح القدس، في قيادة كُتّاب العهد الجديد لتدوين جميع ما قاله المسيح، نقلًا عن الآب، للتلاميذ (يو 14: 26؛ 17: 8). وبـهذا أظهر يسوع دور الثّالوث الأقدس في عمليّة الوحي المقدّس، وبالتّالي إيـمانه بكون الأسفار المقدّسة معصومة، فعندما نتكلّم عن وحي إلهيّ فإنّنا نتكلّم عن عصمة لـهذا الوحي.
ثالثًا: ذات سلطان
الأسفار لا يُـمكن أن تُنقَض لأنّـها كلمات الله (يو 10: 35)، كذلك كلمات الرّب يسوع لا تُنقَض (مت 24: 35)، لأنّ الله هو مصدرها: “أفَما قَرَأتم ما قِيلَ لَكُم مِن قِبَل الله القائِلِ، أنا إِلهُ إبراهيمَ وإِلهُ إسحَقَ وإِلهُ يَعقوبَ؟” (مت 22: 31 – 32). لذلك كلمات الرّب هي فوق كلّ تقليد بشريّ، حتّى فوق التّقاليد الدّينيّة (مت 15: 3، 6) .
رابعًا: تقود إلى الخلاص
الأسفار المقدّسة تـحتوي على كلّ ما هو ضروريّ للخلاص لذلك قال، “عندهم موسى والأنبياء ليسمعوا منهم!” (لو 16: 29). كما أنّـها تشهد عن يسوع والحياة الأبديّة (يو 5: 39).
تحذير مهم
حذّر يسوع أتباعه من الابتعاد عن كلمة الله وجهلها لأنّهما مصدر كلّ ضلال. “تَضِلّونَ إذْ لا تَعرِفونَ الكُتبَ ولا قوَّةَ الله” (مت 22: 29). كذلك إنّ الابتعاد عن موقف المسيح من الوحي المقدّس يُبعد المؤمن عن الحقّ الإلهي والإيمان الصحيح فلا يعود يعرف فكر الله.