من الطّبيعيّ أن تكون الخيبة ردّ فعلٍ عاطفيّ مؤلمٍ يحدث عندما لا يتوافق الواقع مع توقّعاتنا. إنّه شعورٌ بالاستياء يتبع فشلًا في تحقيق التّوقّعات أو الآمال. يمكن اعتباره شكلاً من أشكال الانكسار ويُسبّب الحزن، والشّعور بالخسارة، ويضع صاحبه في مساحةٍ غير مريحة، أو يتركه في حالة يأسٍ ذهنيّةٍ غالبًا ما يختبرها النّاس عندما تخيب توقّعاتهم.
التّأثير النّفسيّ، لخيبة الأمل، كبيرٌ جدّاً خاصّةً عندما نرى انهيار القِيَم بين المُقرّبين. يمكن لهذا الشعور أن يؤدّي بالانسان إلى انعدام الثّقة، والاستياء، وغياب الرّضى عن العلاقات. يمكن للخيبة أيضًا أن تؤثّر على الصّحة الجسديّة والعقليّة للإنسان، فتحصل التّغييرات في الشهيّة، واضطّرابات في النّوم، ويكتسح الإنسان شعورٌ عامٌّ بالكسل والاكتئاب والقلق.
لربّما، أوّل شيء خطر في بالك حين قرأت كلمة الخيبة وتعريفها، هي مواقف حصلت بينك وبين أحد أصدقائك، أو أقاربك ، أو ربّ عملك وطبعًا لم تذكر نفسك بالقائمة وكأنّك معصومٌ عن الخطأ. لكن للأسف أقسى أنواع الخيبة هو خيبة الأمل من الذّات.
غالبًا ما تنشأ خيبة الأمل من الذّات عندما نفشل في تحقيق توقّعاتنا أو معاييرنا. يمكن أن يحدث هذا في جوانب مختلفة من الحياة، مثل الأهداف الشخصيّة، أو التّحصيل الأكاديميّ أو المهنيّ، أو حتّى المعايير الأخلاقيّة. والأبشع هي عندما يشعر المؤمن بالخيبة من الذّات عندما يُخطئ في حساباته ويرى أنّه اتّكل على نفسه وليس على الله.
أنا شخصيًّا، عندما أتكلّم عن الخيبة، أتذكّر فورًا حقبةً صعبةً من حياتي، عندما كان لي صديقة كنت أعتبرها صديقةً وفيّة، واكتشفت فيما بعد أنّها كانت شخصًا مراوِغًا واستطاعت التّسلّط عليّ حتّى أنّها توصّلت إلى تدمير علاقاتي بأصدقائي الحقيقيّين. بعد فترةٍ من الوقت استيقظت وتنبّهت إلى كذب تلك الصبيّة وخبثها. وهنا وجدت أنّ المشكلة من جهتي لم تكن بشخصيّتها بقدر ما كانت بثقتي الزّائدة بها، رغم أنّي أعتبر ذاتي إنسانةً قويّة الشخصيّة وأملك حِسّ تمييز عالٍ.
عندها انتابني شعور عميق بالخيبة، وتساءلت، كيف خدعتني هذه المتلاعبة وأنا التي لطالما اعتبرت نفسي حريصة على اختيار أصدقائي؟ انتابني شعور عميق بالذنب والندم وفقدت ثقتي بنفسي وبالآخرين، وقرّرت الإنعزال حتى أنّني تبنّيت هِرّة لتكون صديقتي الوحيدة وهكذا لا أعود أخرج مع رفاق أو أبني صداقات جديدة، وتحوّلت الى شخص إنعزالي حزين.
لكن أشكر الله الذي دفع بصديقة لي أصرّت على زيارتي وشجّعتني لأضع ألمي وخيبتي أمام الرّبّ. فقررت أن أستمع لها والتجأت الى رحمة الرّبّ وقرّرت أن أغفر لنفسي وأن أتوقّف عن الحكم القاسي على ذاتي، فكلّ البشر يُخطئون.
الجميل في هذا الاختبار هو أنه أعطاني فرصة للنمو وتطوير شخصيتي، وأصبحت أكثر تفهّمًا لأخطاء الآخرين وأصبحت أُدَقّق اكثر في تأثير الناس عليّ، وامتحنت قلبي وقرّرت أن لا اسمح للشعور بالشّفقة أن يسيطر على خياراتي.
الأهمّ في مواجهة الشعور بالخيبة هو أن نتعلّم كيف نتعامل معه ولا نستسلم أمام الشعور بالذنب. وأن نعترف بمشاعرنا بدلاً من تجاهلها أو قمعها، وأن نتعلّم من اختبارنا مهما كان. ومن جهتي، تعلّمت أيضًا أن لا أخجل من التحدّث عن مشكلتي مع من هو أهل بالثقة وحكيم وقادر أن يُقدّم لي النصح والمساندة ويُساعدني على تبنّي وجهة نظر جديدة سليمة وعلى تخطّي شعور الخيبة. علّمني هذا الإختبار أيضًا أن أتواضع وأطلب رحمة الله وأقوّي علاقتي به مِمّا أخرجني من ألمَي ووحدتي.