كان الرّسول بولس قد أُلقي القبض عليه من قبل السُّلطات الرّومانيّة، وزُجَّ به في سجن رومانيّ مظلمٍ ورطب. وفي رسالته المؤثّرة إلى تلميذه تيموثاوس، طلب منه أن يُحضر له كتبه ورداءه، وتوسّل إليه أن “يأتي قبل الشّتاء”، لأنّه كان سيحتاجه بشدّة ليحميه من البرد القارس.
لقد نشأت في مزرعةٍ تقع في منطقةٍ ذات طقسٍ بارد، حيث كان لدينا ثلاثة أشهر فقط لإنتاج كلّ ما يكفي لإطعام ماشيتنا خلال فصل الشّتاء. كنّا نعمل بجدّ محموم طوال الصّيف، لأنّه كان في أذهاننا هاجسٌ دائم: “الشّتاء مُقبِل”.
بالنّسبة إلينا جميعاً، “الشّتاء مقبل”. قد لا يكون الشّتاء الّذي اختبرته أنا أو اختبره بولس، لكنّ الشتاء آتٍ. التّغيير آتٍ! الشّيء الوحيد المؤكّد في الحياة هو أنّ “لا شيء مؤكّد!”
الشتاء مقبل للعالم. ليس فقط الحروب الّتي تكاد تغطّي الكرة الأرضيّة اليوم، أو الأوضاع الاقتصاديّة المتغيّرة والاضطّرابات العامّة، بل أيضاً التّحوّل في المزاج والمواقف الّذي يُفاجئ الكثيرين منّا.
الشّتاء مقبل لأوضاعك الخاصّة. بطبيعتنا، لا نحبّ التّغيير ولسنا مستعدّين له. الحياة قصيرةٌ مقارنةً بالأبديّة، ومع ذلك، فإنّ هذه الحياة رحلةٌ طويلةٌ جداً! تحدث لنا فيها أمورٌ لا نتوقّعها أبداً. يتصرّف الكثيرون وكأنّهم لا يُقهرون. قد نكون في القِمّة اليوم، لكن في الغد القصّة قد تكون مختلفةً تماماً.
شتاء حياتك آتٍ. الشّيخوخة عمليّة طبيعيّة لا رجعة فيها وهي تأتي على كلّ واحد منّا. أنا أحضر الجنازات كّل أسبوعٍ تقريباً. هناك نُعبّر فيها عن مشاعر التّعاطف، ونُقدّم التّعازي، ثمّ تستمرّ الحياة بصخبها وكأنّ شيئاً لم يحدث.
الحياة أشبه بحركة سيرٍ بطيءٍ يحمل النّاس إلى مصيرهم الأبديّ. لا يمكن إيقافه أو معاكسة اتّجاهه. سيأتي يومٌ ينتهي فيه عمرنا هنا وعلينا أن نرحل. السّاق المكسورة يمكن أن تُشفى. المال المفقود يمكن استعادته. العلاقات المقطوعة يمكن استعادتها. لكن، في نهاية الحياة، لا توجد فرص ثانية! والأبديّة “وقتٌ طويلٌ لا ينتهي”!
أنت بحاجةٍ إلى حماية. أنت بحاجةٍ إلى معطف يمكن أن يحميك من فصول شتاء الحياة وشتاء الموت. هذا المعطف رمزيًّا هو يسوع. عندما تكتسي ببرّه، ستكون مستعدًّا “لشتاء الأبديّة” ولن يداهمك الخوف. لا تتأخّر تعالَ إلى المسيح “اجتهد أن تجيء قبل الشّتاء” فيُلبِسَك رداء خلاصه.