ولد “آرثور ستايس” في سيدني، أوستراليا، في بيئةٍ مضطّربةٍ حيث كان والده يعاني من إدمان الكحول، بينما كانت والدته تدير ماخورًا للدّعارة. بدأ آرثور بتعاطي المخدّرات منذ صغره، وسرعان ما لجأ الى استهلاك المنثول وسرقة الطّعام للبقاء على قيد الحياة حتّى أصبحت هذه العادات تسيطر عليه تمامًا.
في سنّ السّادسة والأربعين، وجد آرثور نفسه في مركز إيواء للفقراء حيث كان يقدّم الطّعام للمحتاجين. لكن، وقبل تناول المرطّبات، كان على الجميع الاستماع إلى عظةٍ من الإنجيل. وذات يوم شعر بنداء إلهيٍّ عميق، وبعد انتهاء العظة خرج إلى الحديقة وركع على ركبتيه تحت شجرة تين طالبًا إلى الربّ يسوع أن يكون مخلّصه الشخصيّ. هنا حدث تحوّل كبير في حياة آرثر إذ منحه الرّوح القدس قوّةً لمقاومة إغراءات الكحول حتّى عندما حاول رفاقه التّأثير عليه.
بعد عامين من تجدّده الروحيّ علم آرثر ستايس بقدوم مبشّر عازم على التّجول في شوارع سيدني لنشر كلمة الربّ والتّحدّث عن الحياة الأبديّة. وعندما سمع بذلك إشتعل في قلبه شغفٌ لا يقاوم، فقرّر أن يرافق المبشّر إلى شوارع سيدني ليبشّر ولكن بأسلوبه الخاصّ. أخذ يخطّ كلمة “الأبديّة” Eternity على الأرصفة والطّرقات ليحيي النّفوس برسالةٍ بسيطةٍ لكنّها عميقة.
وهكذا، وعلى مدار الثلاثة والثلاثين عامًا المتبقّية من حياته، واصل آرثر هذا العمل بإيمانٍ راسخٍ حتّى وافته المنيّة عام 1967. وبفضل جهوده الاستثنائيّة أصبحت كلمة “الأبديّة” منقوشةً في وجدان المدينة حيث كتبت كلّ مئة ذراع. وقُدّر عدد الكلمات الّتي خطّها بيده بنحو نصف مليون كلمة لتصبح جزءًا لا يُمحى من ذاكرة سيدني وتاريخها الروحيّ. وقد لقّب آرثر بعد وفاته ب “مِستِر أبديّة” Mr. Eternity.
في عام 1990 قامت إحدى شبكات التّلفاز بعرض برنامج وثائقيّ عن قصة آرثر مِمّا ساهم في انتشارها في جميع أنحاء أوستراليا. وفي عام 1997 نُصب في ساحة سيدني لوحةٌ تذكاريّةٌ نقش عليها كلمته الخالدة “الأبديّة”. أمّا التأثير الأكبر لآرثر على سيدني فقد تجسّد في الاحتفالات الرسميّة الّتي كانت تُقام في المدينة قرب جسر سيدني هاربور حيث كانت تُضاء كلمة “الأبديّة” أمام ملايين المشاهدين الأوستراليّين.
كلّ ما كان آرثر يرغب به هو أن يتأمّل النّاس في فكرة الأبديّة. وهذا ما يجب أن نفتكر فيه نحن أيضًا. مع تقدّمنا في العمر تزداد مغريات هذا العالم من حولنا، إلّا أنّه علينا أن نولي اهتمامًا كبيرًا لحياتنا الأبديّة. لنتذكّر أنّ “الأبديّة” حقيقةٌ لا تنتهي ولذا ينبغي أن نسأل أنفسنا: أين سنقضي حياتنا الأبديّة؟