قال يسوع لتلميذه بطرس، “أنت بطرس، وعلى هذه الصّخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها (مت 16: 18).
تبع بطرس يسوع
التقى سمعان بن يونا بيسوع فأعطاه لقب “بطرس” أي الصّخرة. يرجّح أنّه كان وأخوه اندراوس تلميذين مقرّبين من ليوحنّا المعمدان. اندراوس أخبر بطرس عن يسوع وجاء به إليه. سمع دعوة المعلّم الجديد وهو يتجوّل في منطقة الجليل، يعلّم ويبشّر ويشفي، فترك كلّ شيء وتبعه. عاش وأكل وشرب معه. رافقه وشاهد معجزاته وأعماله المجيدة. سمع كلماته وأصغى إل صلواته. اصطحبه سيّده إلى بستان جثسيماني، ثمّ إلى الجلجثة، فالصّليب. وأخيرًا عاينه قائمًا منتصرّا على الموت.
تعلّق بالسيّد المسيح وشغف بتعاليمه. ولمّا رجع بعض أتباع يسوع من ورائه، قال للإثني عشر، “ألعلّكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا؟” أجابه بطرس، “يا ربّ إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبديّة عندك!
تابع بطرس مسيرة يسوع
امتلأ شجاعة بعد حلول الرّوح القدس، وصار جريئًا في الوعظ. جذبت عظته في يوم الخمسين حوال ثلاثة آلاف رجل، فتابوا واعتمدوا. وعظ بقوّة بعد شفائه الأعرج. وقوف أمام رؤساء اليهود وكهنتهم وجاهر بإيمانه بشجاعة فائقة.
تشبّع بطرس بكلام الرّبّ وفهم نبوّات العهد القديم فكتب رسالتين رائعتين. فقال، “عالمين هذا أوّلًا، أنّ كّل نبوّة الكتاب ليست من تفسير خاصّ. لأنّه لم تأتِ نبوّة قط بمشيئة إنسان بل تكلّم أناس الله القدّيسون مسوقين من الروح القدس” (2 بطرس1: 20-21).
تعلّم ألّا يدع الشّكّ والخوف يستحوذان عليه. لكن مشواره كان طويلًا قبل صيرورته ثابتًا راسخًا كالصّخر، مثلما توقّع يسوع. غير أنّه عقد العزم على مواصلة السّعي والنّموّ في الإيمان ومعرفة المسيح. كم هو مهمّ أن يمتلك المؤمنون التّصميم عينه ويتشبّهون بإيمانه!
حياة بطرس
تشبه حياة بطرس حبّة خردل صغيرة، نبتت ونمت وصارت شجرة كبيرة تتآوى في ظلّها طيور السّماء. كان قرويًّا بسيطّا عاديًّا قليل العلم يحترف مهنةً متواضعة. وكانت له فضائله وأخطاؤه وضعفاته مثلنا تمامًا. يشبهنا في سقطاته وفي تساميه؛ الأمر الّذي يبعث فينا الرّجاء بأنّ الخالق القدير يستطيع تغييرنا لتصبح شخصيّاتنا قويّة ًكبطرس.
كان يسوع ثاقب النّظر فرأى في سمعان بن يونا الصيّاد رسولًا. وفي رعايته الحثيثة له أظهر صفاتًا مباركة كامنة فيه. نجد آثارها في كلّ فقرة من رسالتيه، وقد أهّلته ليكون قائد الكنيسة الأولى. يستطيع الرّبّ أن يفعل بنا كما فعل ببطرس إذا كنّا نسلّم ذواتنا بالكليّة له ونرغب في التّغيير والتّكريس.