من أهمّ ما يقوم به الأطبّاء هو التّوعية ضدّ الفيروسات والبكتيريا الّتي تدخل جسم الإنسان وممكن أن تؤثّر عليه بشكلٍ تصاعديّ قد يصل إلى اعتلال صحّته وموته.
من الفيروسات القاتلة فيروس نقص المناعة (HIV) أو الأيدز، والكورونا، والإيبولا. من البكتيريا القاتلة: السّلّ والكوليرا والسّالمونيلا. ومن الطّفيليّات الخطيرة تشتهر المالاريا. جميع هذه تدخل جسم الإنسان من خارجه، من الملامسة والّلعاب والتّواصل الجنسيّ وغيره. لا يمكن إهمال معالجة المُصاب بسرعة. ويأخذ العلاج طابع الجديّة القصوى. وهناك أنواع السّرطانات النّاشئة من نموّ غير طبيعي لخلايا الجسم مما يؤدّي لتشكيل أورام قد تكون خبيثةً إن لم تُشخّص أو تُعالج باكرًا يصير علاجها مستحيلًا.
النيّة الطيّبة وحدها لا تنفع المُصاب. قد يضطرّ المُصاب إلى الخضوع للجراحة لاستئصال المرض أو الخضوع إلى العلاج الكيميائيّ أو الإشعاعيّ للتخلّص منه. صحيح أنّ وقع المرض على نفس المريض يكون ثقيلًا ومُخيفًا ومؤلمًا. لكن لا أظنّ أنّ أحدًا يتقبّل مرضه بدون أن يذهب للمواجهة بهدف النّجاة والبقاء على قيد الحياة.
وبينما يهتمّ الجميع بالكلام على مواجهة الأمراض الخبيثة، يقُلُّ عدد الخائفين على حياتهم من لوثة الخطيّة الّتي ضربت الجنس البشريّ ولم يُعفَ منها إنسان. الخطيّة دخلت البشريّة بآدم الأوّل وانتقلت منه إلى نسله فسببّت آلامًا شخصيّةً ومآسيَ إجتماعيّةً وهلاكًا أبديًّا للجميع. قليلون يعرفون حقيقة الخطيّة وخطورتها. الكتاب المقدّس يترك لنا الكثير من المعلومات حول الخطيّة ومضاعفاتها. هو يصفها بأنّها خاطئة جدًّا وقاتلة ومُميتة.
النّاس في مجتمعنا المعاصر لا يعترفون بالخطيّة ولا يُبالون بالخلاص منها. غريب أمرهم فهم يخافون فيروسات تضرب الجسد، ولا يخافون فيروس الخطيّة الّذي يضرب النّفس والرّوح ويهلكها. المقارنة بين الفيروسات والخطيّة بغاية الأهميّة ومفيدة للغاية. فكلاهما يتسلّل إلى حياة الإنسان بصمت من خارجه ويتمكّن من داخله ويُخضعه ويكسره.
في البداية قد يبدو أمر الخطية بريئًا وغير خطير. لكن مع الوقت تبدأ المعاناة إذ يبدأ القصور الروحيّ وفقدان المناعة الأخلاقيّة مِمّا يُنجّس البراءة الشخصيّة ولا يقف عند حدود تهديد صحّة الإنسان النفسيّة والجسديّة وسلامة علاقاته الإجتماعيّة وانحرافسلوكه وتشويه سمعته. قد يذهب كثير من المُصابين بالخطيّة، إلى الإنكار واللامبالاة ورفض الإقرار بالحاجة لمعالجة اللوثة الخطيرة، وهذا ينبع من تمرّد أو كبرياء أو جهل أو استسلام. إلّا أنّ إهمالهم معالجة الموضوع لا يوقف تمدّد الخطيّة ولا آثارها المُدمّرة على حياتهم.
الخطيّة كالفيروسات تحتاج إلى طبيبٍ متخصّصٍ وقادرٍ على معالجتها. لا يستطيع المُصاب أن يكون هو المريض والطبيب في آنٍ واحد. هو أعجز من أن يُساعد نفسه. جاء المسيح إلى عالمنا لمعالجة هذه العِلَّة القاتلة، وحده هو المُخلّص والطّبيب الشّافي. ليس هناك طريقة أخرى للخلاص من الخطيّة سوى بالإلتجاء إليه وطلب مساعدته. هذه المواجهة تحتاج إلى الصّدق مع الذّات والتّواضع أمام الله والإعتراف له بالخطيّة والتّوبة عنها. هو كفيل بتحرير الإنسان من سلطتها ومن قوّتها المميتة.
الخلاص من الخطيّة هو عجيبة إلهيّة يعجز أيّ إنسان عن فعلها. وحده المسيح “يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ”. إنّه مخلّص العالم وخلاصه مجّاني وكامل وأبديّ. حكيمٌ هو الّذي يطلب من يسوع المُخلّص أن يُخلّصه من خطاياه القاتلة. لخّص بولس الرسول بكلماتٍ قليلةٍ خطورة الخطيّة وكيفيّة الخلاص منها: “لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” لا داعي للخوف أو للتردّد ولا فائدة من تجاهل العلاج النّاجع. الطّبيب الحبيب يستقبل قاصديه في أيّ وقت يأتونه. الخلاص من داء الخطيّة هو أهمّ خيار يتّخذه الإنسان لحياته الأبديّة.