يُحبّ النّاس اللقاء بالمشاهير، من مغنّين وممثّلين، ورياضيّين. ومنهم من يحبّ اللقاء بالملوك، ورؤساء الدّول، والسّياسيّين ورجال الأعمال النّاجحين. والبعض يحبّ اللقاء بأهل الفكر والفلاسفة والإعلاميّين أو بالعلماء والمخترعين. أمّا العدد الأكبر، من جيل الشّباب في أيّامنا هذه، فيُحبّون اللقاء بالمؤثّرين على السّوشال ميديا.
يعتبر هؤلاء أنّ اللقاء بتلك الشّخصيّات فرصةٌ ثمينةٌ لا تفوّت. وذلك للتعرّف بهم. أو للاطّلاع على تجاربهم ونظرتهم للحياة، وللطّريق الّذي سلكوه للوصول الى النّجاح والتميّز فيتماهون معهم. وفي المقابل، هناك من يختار تجنّب اللقاء بالمشاهير. وذلك لرهبةٍ ما أو لخوفٍ من تغيير فكرهم أو طريقة عيشهم أو خوفًا من أن يُنْسَبوا علنًا لجهة ما.
يحدّثنا الإنجيل أنّ أهل كورة الجدريّين رفضوا اللقاء بشخص المسيح الّذي ذاعت شهرته آنذاك، وكان النّاس يتسارعون لرؤيته، أو للحصول على نظرةٍ أو لمسةٍ منه للشّفاء.
فهُم، وعلى الرّغم من أنّ المسيح كان قد شفى مجنونًا وحرّره من شياطينه، إلّا أنهم أصرّوا على إخراج يسوع من كورتهم. ونتساءل: ما السّبب خلف موقفهم السّلبيّ هذا؟ وأغلب الظنّ أنّهم بعد أن خسروا قطيعَ الخنازير الّذي دخلته الأرواح الشرّيرة فاندفع إلى البحيرة واختنق، “اعتراهم خوفٌ عظيم” من خسارات ماديّة اضافيّة. لذا لم يستقبلوه في مدينتهم.
أتى المسيح ليلتقي بهم وليغيّرهم، ويرفعهم، ويعطيهم خلاصًا وحياةً أفضل. إلّا أنّهم خافوا على مصالحهم، وأعمالهم وأموالهم، وتقاليدهم حتّى. خافوا من أن يطرأ تغيير على حياتهم، وسلوكهم، وعلى مدينتهم. خافوا من أن تُكتَشَف حقيقتهم أمام شخص المسيح. خافوا على الظّلام الّذي يسكن بيوتهم، فطلبوا من المسيح الانصراف عن تخوم مدينتهم. لم يقاوم المسيح طلبهم. ولم يفرض نفسه عليهم. وانصرف بسلامٍ عنهم.
أمّا لقاء المجنون بشخص المسيح فكان حدثًا مغيّرًا لحياته وطلب أن يذهب معه. لكنّ المسيح منعه، وأمره أن يذهب ويخبر كم صنع به الرّبّ ورحمه. فأطاع وذهب ونادى بيسوع في المدن العشر. وهكذا كان هذا اللقاء سببًا لخلاص نفسه، ولعائلته، وربّما لناسٍ كثيرين سمعوه ورأوه ولمسوا التّغيير في حياته.
عادةً يذهب النّاس لمقابلة المشهور ويملأهم الأمل بقضاء أوقاتٍ طيّبةٍ معه. مؤمّلين النّفس بالاحتفاظ بذكرياتٍ جميلة يحملونها معهم طوال العمر. لكن ليس لكلّ اللقاءات تأثيرٌ ايجابيٌّ وتغييريّ على النّاس. فكثيرًا ما يكون لتلك اللقاءات تأثيرٌ سلبيٌّ، يؤدّي بالشّخص إلى مسارات غير سليمةٍ أو غير أخلاقيّة. اللقاء بيسوع يترك أثرًا عظيمًا في حياة الإنسان. كم كان هؤلاء اليونانيّون حكماء عندما جاؤوا إلى تلاميذ المسيح يطلبون: “نريد أن نرى يسوع”. هل يكثر الطّلب على لقاء يسوع في أيّامنا؟