الأمراض العقليّة أمر صعب. لا نملك الجرأة للتحدّث بها مع الحاجة القصوى لذلك. لا تقتصر القضيّة على روّاد المصاحّ العقليّة أو الّذين يتكلّمون مع الأشباح على الطّرقات. كلّنا معرّضون لها ويجب معالجتها بصدق وشفافيّة لتجنّب أخطار مؤلمة ومأساويّة.
لاهوت قبل العلاج
يهرب النّاس من المشكلة إلى تقديم الحلول عندما يتكلّمون عن الأمراض العقليّة. يظنّون أنّ الحاجة مثلًا هي إلى مزيد من الصّلاة والإيمان ومحاربة إبليس. لا يمكن فهم هذه الأمراض، ومساعدة من يُعاني منها، إلّا بالرّجوع إلى اللّاهوت وعقيدة الفساد الكلّيّ القائلة بأنّ الخطيّة أثّرت على كياننا بالكامل وخرّبت حياتنا. لذا نميل نحو الخطيّة بعيدًا عن التدخّل الإلهي. نحن نكذب ونغشّ ونمارس النّميمة ونفترس الضّعيف ونعارض مشيئة الله، لأنّنا فاسدون روحيًّا. تكمن عظمة الإنجيل في أنّ الله حين خلّصنا هزم الخطيئة الأولى وحوّلنا رجوعًا إلى صورته.
يعني الفساد الكلّي أيضًا أنّ الخطيّة أفسدت أجسادنا. فهي تتعرّض لمختلف الأمراض كالحمّى والسّرطان وأوجاع الظهر والتليّف العضليّ وغيرها. أجسادنا تخوننا، ولا تعمل كما يجب. يخبرنا الوحي المقدّس أنّنا سنُعطى أجسادّا جديدة خالدة في المجد. تتوق الخليقة، بما فيها أجسادنا، إلى ذلك اليوم المجيد.
مشكلة نفسيّة وعقليّة
يشعر أحدهم بالقلق أو الكآبة فنوجّهه إلى حلول روحيّة. نفترض أنّه لا يثق بالله ووعوده. نعتبر أنّه لو فكّر بطريقة سليمة سينتفي شعوره السيّئ. هذا ليس بالضّرورة صحيحًا! يتكوّن الإنسان من جسدٍ وروح. حين نجعل الأشياء كلّها روحيّة ننسى الجسد. قد يشعر شخص ما بالقلق لأنّه لم يدفع فواتيره. القلق هنا تجربة عاديّة وعليه الوثوق بالله ووعوده. لكنّ أجسادنا أحيانًا تفشل في عملها الوظيفيّ. يقلق أحدهم من دون مبرّر، فيرتفع الأدرينالين في جسمه، ويخفق قلبه بسرعة، ويتنفّس بصعوبة بلا سببٍ ظاهريّ. في هذه الحالة يحتاج الإنسان إلى أمرين. أوّلهما أن يدرك وجود الله الدّائم بقربه والثّاني العلاج الطبّي.
يجب أن نتذكّر أنّنا جسد وروح. ثمّة أوقات تضعف فيها نفوسنا وأوقات أخرى يصيب الوهن أجسامنا. إنّها حقيقة كتابيّة. إذا أصاب صديقك صداع لا تقُل له، “زِدْ إيمانك بالله” وحسب، بل تمهّل واستمع له وصلِّ من أجله.