خلق الله الإنسان على صورته. صورة الله في الإنسان عقيدةٌ أساسيّةٌ في الكتاب المقدّس (تكوين 26:1-27)، لكنّ تلك الصّورة شُوّهت بسبب الخطيّة. ترتكز هذه العقيدة على الخلق الإلهيّ والكرامة الّتي أعطاها الله للإنسان.
قد يتساءل البعض: ما هي هذه الصّورة؟ يعلّم الكتاب المقدّس أنّ “الله لم يره أحد قطُّ” (يوحنا 1: 18)، لكن يسوع، الله الابن، جعل الله غير المنظور مرئيًّا. صورة الله هي حكرٌ على البشر من بين كلّ خليقة الله. يذكر الكثير من المفسّرين بأنّ كلمة “صورة” هي مجازيّة لأنّ الله، في الأساس، ليس له شكلٌ بشريٌّ. قال اللاهوتيّ جون لايدلو أنّ “صورة الله تشير إلى تلك السِّمَات في الله الّتي يكون الإنسان نسخةً عنها”. إنّ كوننا مخلوقين على صورة الله يعني أنّنا نشاركه صفاته وسماته، ولو بشكلٍ غير كامل. هذه الصّفات هي تلك المتعلّقة بشخصيّة الله مثل المعرفة، البِّر، القداسة، الحكمة، الذّكاء، المحبّة… إنّ كون الإنسان على صورة الله يعني أنّه الكائن الوحيد الّذي يتمتّع بالعقلانيّة، والأخلاق، وبإمكانيّة أن يكون في شركة مع خالقه.
بالإضافة إلى التّعريفات السّابقة، وبأخذ هذه العبارة في سياقها (الإصحاحات الأولى من سفر التّكوين)، فإنّ “صورة الله” تعني أنّ الإنسان ذو سيادةٍ (وإن كانت سيادة محدودة) تمامًا كما أنّ الله ذو سيادة (سيادة كاملة). كان دور الإنسان السّيطرة على الحيوانات والأرض. كان الإنسان ممثّل الله على الأرض، وانتقل هذا الدّور من آدم إلى شيث، ومن ثمّ إلى البشريّة جمعاء.
خُلق آدم بارًّا تمامًا على صورة الله. ولكن أبعدت الخطيّة الإنسان عن مكانته الأصليّة، ودمّرت قداسته وصفاته الأخرى، لكنّها لم تُدمّر صورة الله فيه. مع أنّ كلمة االله تُعلّم أنّنا كبشر أموات بالخطايا، إلا أنّنا ما زلنا حاملين لصورة الله. كوننا أمواتًا بخطايانا يعني أنّنا منفصلون عن الله بسبب الخطيّة، إلّا أنّ الانفصال عن الله لا يعني أنّنا لم نعد على صورته. لا يمكن للخطيّة أن تُفسد خطة الله الأصليّة. لقد وضع الله خطّة فداء، وقد أُعلن ذلك مباشرةً بعد سقوط الإنسان. التّجديد بالرّوح القدس واختبار خلاص الله يُفعّل فداء الله في حياتنا، ويُصلح الضّرر الّذي سبّبته الخطيّة على صورة الله في الإنسان، ويُعيد إلينا قداستنا في المسيح.
في الخلاصة، تنعكس صورة الله في شخصيّة الإنسان وكرامته وأخلاقه وذكائه. صورة الله في الإنسان تركّز على الجانب الرّوحيّ للإنسان أكثر من الجانب الجسديّ. ولذلك، جميع البشر متساوون، بغضّ النّظر عن مظهرهم الخارجيّ. إنّه لشرفٌ عظيمٌ أن يُخلق الإنسان على صورة الله! أمام هذه الحقيقة، لا يسعنا إلّا أن نشكر الله على هذا الشّرف والامتياز، ولكنّ الإنسان مُطالَب بأن يسعى إلى الحفاظ، قدر الإمكان، على هذه الصّورة فيه. التّشويه الّذي فعلته الخطيّة على هذه الصّورة الإلهيّة في الإنسان كبير جدًا ومدمّر لعلاقة الإنسان بخالقه، إلّا أنّ عودة أيّ إنسان إلى الله يضع حدًّا لهذا الأمر. والخالق هو الوحيد القادر على ترميم ما فسد في حياة المخلوق.