على الرّغم من أنّني وُلِدتُ في عائلة مسيحيّة، إلاّ أنّ حياتي ارتكزت على الأمور العالميّة. كنتُ أتخبّط في بُحَيْرَة من الخطايا، من دون أن أعي ذلك، لأنّني لم أترك في حياتي أيّ مكان للمسيح لكي يُرشدني ويهديني إلى الصّواب وطريق الخلاص. كانت والدتي امرأة مؤمنة، تُواظب على الصّلاة وقراءة الكتاب المقدّس، وقد ربّتني تربية صالحة، وعلّمتني وصايا الرّبّ، وأرشدتني إلى السُّبل المستقيمة، ولكن من دون جدوى؛ فشهوات هذا العالم كانت تُسيطر على حياتي، بخاصّة أنّ أصدقائي كانوا خطاة غارقين في بحر الخطيّة، فعشت حياة التمرّد.
استمرّت حياتي على هذا المنوال من الرّفض لكلمة الرّبّ، إلى أن أمر الرّبّ بانتشالي من بؤرة الفساد هذه. لقد تعرّضتُ لحادث سير، أُصِبتُ على أثره بالشّلل، وكنتُ لا أزال في الرّابعة عشرة من عمري. وأمضيتُ حوالى ثلاث سنوات أتنقّل بين المستشفيات للمعالجة وإجراء العمليّات. خلال هذه المرحلة الصّعبة، زارني راعي الكنيسة وزوجته، وحدّثاني عن الرّبّ يسوع وما احتمله من آلام على الصّليب لكي يُخلِّصنا من خطايانا، وشجّعاني من كلمة الله. بعد هذه الزّيارة، لم أقبل المسيح مُخلِّصًا شخصيًّا، إلاّ أنّني حفظتُ آية من الكتاب المقدّس، وكانت أوّل آية أحفظها: “والقادِر أنْ يَفعَلَ فَوقَ كلِّ شَيْء، أكثَرَ جِدًّا مِمّا نَطْلُب أو نَفْتَكِر، بِحَسَب القُوَّة الَّتي تَعمَل فينا، لهُ المَجد في الكنيسَة في المسيح يسوع إلى جَميع أجْيال دَهْر الدُّهور. آمين” (أفسس 3: 20-21).
بعد ذلك، بدأت أُصلّي وأقرأ الكتاب المقدّس، وصرت أشعر بحاجتي الماسّة إلى التّقرّب من الرّبّ وطلب العون والمساعدة. وترسّخ فِيَّ شعور مستمرّ بوجود حلقة فارغة وضائعة في حياتي الرّوحيّة، وهي الحلقة الأساس. حاولتُ جاهدة أن أجدها، أو أعرف سبب هذا الإحساس الغريب، لكنّني لم أستطِع؛ فطلبتُ إلى الرّبّ المساعدة والإرشاد. وحالما تمكّنتُ من الخروج من البيت، ذهبت إلى الكنيسة، وسمعت الوعظ من كلمة الرّبّ، الأمر الّذي فرّحني كثيرًا؛ وشعرتُ بارتياح كبير لوجودي بين المؤمنين.
وبعد شهرين، أي في 6 حزيران 1990، تقدّمتُ من الرّبّ بتوبة حقيقيّة وصادِقة، وطلبتُ إليه الخلاص والولادة الجديدة، واضعة حياتي بين يديه؛ فقَبِلَني بحسب قوله: “مَنْ يُقبِلْ إلَيَّ لا أُخْرِجْه خارِجًا”. وعلى الرّغم من صعوبة وضعي، بسبب الشّلل، تعمّدتُ على اسم الآب والابن والرّوح القدس، بعد أن قدَّمتُ شهادتي للمسيح، وذلك في 8 أيلول 1990. ومنذ تلك اللّحظة، قرّرتُ أن أحيا وأعمل بحسب الإنجيل، وأنشر بُشرى الخلاص. وقد طلبتُ إلى الرّبّ أن يشفيني، إلاّ أنّه لم يسمح بذلك حتّى الآن، وأنا ما زلتُ أُصلّي بخضوع: “لتَكُن مَشيئَتُك”، وأقول مع الرّسول بولس الّذي عانى مرَضًا مزمِنًا من دون أن يُشفى منه: “ولِئَلاَ أَرْتَفِع بِفَرْط الإعْلانات، أُعطِيتُ شَوكَةً في الجَسَد، ملاكَ الشَّيطان لِيَلْطِمَني، لِئَلاَ أرْتَفِع” (2كورنثوس 12: 7). فيُجيبني الرّبّ قائلاً: “تَكْفيك نِعْمَتي، لأنَّ قُوَّتي في الضَّعف تُكْمَل”، “فبِكُلّ سُرورٍ أَفْتَخِر بالحَرِيّ في ضَعفاتي، لِكَيْ تَحِلّ علَيَّ قُوَّة المسيح” (2كورنثوس 12: 9).