نمرّ في حياتنا في ظروف صعبة لا نستطيع تحاشيها. هذه الظّروف قد تكون نتيجة نكسة صحيّة أو ماديّة أو اجتماعيّة، وتستمرّ أحيانًا لسنوات عديدة حاملة معها الآلام المبرحة الّتي تهدّ الجسد والنّفس معًا.
وسط هذه الظّروف، لا شكّ في أنّ الإنسان يسأل نفسه: “لماذا أنا من دون غيري؟” بعضهم يتقبّل ظروفه بكلّ تواضع وتسليم لله الّذي في يده كلّ الأشياء. لكنّ بعضهم الآخر يبدأ في البحث عمَّن يلومه. وما أسهل اتّهام الله ولومه بحجّة أنّ في يده السّلطان على كافّة الأشياء. ويصبح الله، في نظر الإنسان، مصدر شقائه وتعاسته، فمَن غيره المسؤول عن الظّروف غير الاعتياديّة؟
قصّة طريفة تُروى عن شابّ كان سائرًا في إحدى اللّيالي، فلاحظ رجلاً مُنحنيًا على ركبتيه تحت مصباح الشّارع يبحث عن شيء ما. تقدّم الشّابّ من الرّجل ليسأله عن الأمر. فأجابه الرّجل أنّه يبحث عن مفتاح فَقَده. تحمّس الشّابّ وبدأ في معاونة الرّجل على البحث عن المفتاح. بَحَثا معًا باجتهاد حتّى لم يبق مكان تحت المصباح لم يبحثا فيه بالتّدقيق. وأخيرًا، بعد أن تعب الشّابّ من البحث وفَقَد الأمل في إيجاد المفتاح، قال للرّجل: “هل أنت متأكّد من أنّك فقدته هنا تحت المصباح؟” أجابه الرّجل ببرودة أعصاب: “لا، لقد فقدته في البيت. لكن هناك إضاءة تحت المصباح أكثر من المكان الّذي فقدته فيه!”
هذه القصّة تعبّر عن أنّنا، وفي كثير من الأحيان، نبحث عن تبرير لما نَمرّ فيه من ظروف صعبة في المكان الخطأ، مُختارين الطّريق الأسهل لنا. فنضع اللّوم على الله، على الرّغم من أنّنا نعرف مصدر المشكلة. ويصل بنا الأمر إلى المغالاة في معاداة الله ووضع الشّروط عليه لمصالحته. فنستمرّ في هذه الدّوّامة لفترات طويلة حتّى تصير ملامة الله طريقة حياتنا، بخاصّة عندما يُواجهنا ما لا نرغب فيه.
إنّ الخروج من هذه الدّوّامة هو في انتقالنا من لوم الله إلى تحمّل المسؤوليّة الذّاتيّة ووضع الأمور في نصابها. فبدلاً من لوم الله الّذي فقدنا سلامنا معه، نتقدّم بكلّ جرأة إليه شاكريه على كلّ الظّروف الّتي نمرّ فيها، لأنّنا نعلم أنّ كلّ الأشياء تعمل معًا للخير للّذين يُحبّون الله، وهو لا يُجرّبنا فوق ما نستطيع تحمّله كما وَعَد. هذا الأمر يُعيد سلام الله إلى حياتنا، وبالتّالي يمدُّنا بقوّة تستند إلى مواعيده فتُخرجنا من الدّوّامة الّتي نحيا فيها. لأنّ الاتّكال على الله والثّقة به هما مفتاح النّصرة على كافّة ظروف الحياة مهما كانت صعبة.