ولد في فلافيا (نابلس اليوم) في الضّفة الغربيّة وقد تربّى في ظِلّ الدّيانة الوثنيّة. استشهد في روما في زمن ولاية يونيوس رستكوس بعد أن تمّ القبض عليه بتهمة الخيانة لأنّه قال: “إذا عوقبنا من أجل ربّنا يسوع المسيح، نأمل أن نخلُص”.
كان منذ حداثته يميل إلى التّفكير العميق والبحث عن الله ومبدأ الوجود. تتلمذ أوّلًا لأحد الفلاسفة الرواقيّين Stoics أتباع الفيلسوف زينون، فلم تُشبِع تعاليمه عقله فانصرف عنه وتبع فيلسوفًا آخر من جماعة الرواقيّين المشائين ثمّ اهتدى إلى أحد الفلاسفة الأفلاطونيّين، فتعلّق به وأحبّه.كانت له روح جائعة متعطشة للنور والحق.
أمّا قصّة إيمانه فهي قصّة لقائه مع الله. قابله شيخ مهيب وأخذ يباحثه في شؤون الفلسفة، وبيَّن له أنّ الفلسفة الأفلاطونيّة الّتي كان معجبًا بها ناقصة، لا تأثير لها على حياته الأخلاقيّة. سأله يوستينوس في لهفةٍ وتعجب: “أين إذن أجد الحقّ إذا لم أجده بين الفلاسفة؟”
أجابه الشيخ: “قبل الفلاسفة بزمانٍ طويل، عاش في الأزمنة الغابرة رجال سعداء أبرار، هم رجال الله، نطقوا بروحه وسُمّوا أنبياء. نَقَلوا إلى البشر ما سمعوه وما تعلّموه من الرّوح القدس. كانوا يعبدون الله الخالق وابنه يسوع المسيح. فاطلب أنت حتّى تنفتح لك أبواب النّور”.
توصّل إلى أنّ الفلسفة المسيحيّة هي الوحيدة الّتي استطاعت أن تُشبِع عقله، فآمن بالسيّد المسيح واعتمد. وبدأ منذ ذلك الحين حياة الفيلسوف الحقّة، كما يقول هو عن نفسه.
استمرّ في تقدير عناصر الحقيقة في الفلسفة حتّى بعد تحوّله إلى المسيحيّة. كتب دِفاعَين عن المسيحيّة. تمّ توجيه الأوّل، حوالي عام 150م، إلى الأمبراطور أنطونيوس بيوس والثّاني إلى الأمبراطور ماركوس أوريليوس. في هذين الدفاعَين، وضع المسيحيّة جنبًا إلى جنب مع الوثنيّة والفلسفات الأخرى وأظهر تفوّق المسيحيّة.
وكتب “الحوار مع تريفو” وحاول فيه يوستينوس إثبات حقيقة المسيحيّة ليهوديّ متعلّم يُدعى تريفو مُثبتًا أنّ عهدًا جديدًا قد حلّ محلّ عهد الله القديم مع الشّعب اليهوديّ.