قراءة في كتاب “المسيح الأعظم” للكاتب إدكار طرابلسي
يُعتبَر المسيح من أعظم الشّخصيّات التّاريخيّة والدينيّة في العالم. لكنّ الموقف منه يختلف بين المؤمنين والمُلحدين بشكلٍ كبير. ينظر الملحدون الى المسيح من منظور علمانيّ وتاريخيّ. يرون أنّ المسيح ربّما كان شخصيّةً حقيقيّةً عاش في القرن الأوّل الميلاديّ، وكان معلّمًا أو زعيمًا دينيًّا في ذلك الوقت. ومع ذلك، يعتقدون أنّ العديد من القصص المرتبطة بحياته، مثل المعجزات والقيامة، هي أساطير أضيفت في وقتٍ لاحقٍ من قِبل أتباعه لتعزيز مكانته.
يعترف بعض الملحدين بأنّ تعاليم المسيح، مثل المحبة والتّسامح، تحمل قِيَمًا أخلاقيّةً يمكن أن تكون ملهمة، إلّا أنهم لا يعتقدون في البعد الإلهيّ لشخصيّته. يرون في المسيح مجرّد رمزٍ للثّورة الاجتماعيّة والدّينيّة في سياق المجتمع اليهوديّ في ذلك الوقت.
ويرى ملحدون رافضون للدّين في قصّة المسيح جزءًا من نظامٍ دينيّ استُخدِمَ للسّيطرة على المجتمعات وتوجيهها. هؤلاء ينتقدون الأديان عمومًا على أساس أنّها تعتمد على إيمانٍ غير عقلانيّ وتفرض قواعد أخلاقيّة غير ملائمة للعصر الحديث.
أمّا المسيحيّة، فتعتبر أنّ يسوع المسيح هو ابن الله والمخلّص. ويعتبر المسيحيّون أنّ حياة يسوع وموته وقيامته تشكّل جوهر العقيدة المسيحيّة. يرون في المسيح تجسيدًا للحبّ الالهيّ. وأنّه من خلال تضحيته يمكن أن ينال البشر الخلاص والحياة الابديّة. كما يرون في تعاليمه عن المحبّة والتّسامح والغفران أنّها الأساس للإيمان المسيحيّ.
في كتابه “المسيح الاعظم”، يوضّح القسّيس الدّكتور إدكار طرابلسي، في الفصل حول “مركزيّة المسيح في الإيمان المسيحيّ”، التالي ويقول: “إنّ المسيح أكثر من إنسان وأعظم من نبيّ، وهو في الدّين المسيحيّ، أكثر من رسول مؤسّس لديانة، بل هو محور الدّيانة المسيحيّة وصخرتها وموضوع إيمانها، ومن دونه لا ضرورة لوجودها إذ عندئذٍ تتساوى مع غيرها من الدّيانات الّتي تؤمن بوجود إلهٍ واحد. إنّ كثيرين يجهلون هويّة المسيح، وبالتّالي، هم يجهلون ماهيّة المسيحيّة الحقيقيّة، فينقادون خلف افتراضاتهم الفكريّة وخيالهم الدّينيّ لينسجوا لأنفسهم ديانتهم الخاصّة. وهذا يفسّر انحراف بعض المسيحيّين عن المسيح إلى آخرين، ووضع المسيح في مصاف الأولياء والقدّيسين، من دون أن يدروا أنّه هو صاحب البيت وهو بانيه وله السّيادة فيه.”
يتابع القسّيس طرابلسي الكلام عن معرفة يسوع الشخصيّة: “من لا يعرف المسيح قد يكون من المفيد له أن يسأله مع شاول الطرسوسيّ: “من أنت يا سيّد؟” وينتظر الجواب منه مباشرةً فيتعرف إليه ربًّا ومخلّصًا وعندئذٍ يُعلن اتّباعه له. ومن المؤكّد أنّ المسيح لا يترك أحدًا بلا جواب… إن كان يسوع في مركز الدّيانة المسيحيّة أيّام الرّسل، فهو لا يزال في مركزها الى أيامنا، ولا يمكن إزاحته من مكانته الفريدة، فهو لا يقبل أن يكون مكانه آخر. والموقف الّذي يجب أن يأخذه الإنسان من يسوع هو إمّا الولاء المطلق أو الرّفض المطلق. فيسوع لا يقبل المواقف الوسطية منه. لا يقبل ربّ المجد أن نعامله بطريقةٍ تساوي بينه وبين آخر في هذه الحياة أو في الآخرة. المسيح هو إله المسيحيّين. المسيح هو مخلّص العالم. المسيح هو الأعظم. المسيح هو “الكلّ وفي الكلّ” (كولوسي11:3).
أمّا السّؤال الأهمّ المطروح على القارئ فهو: من هو المسيح بالنّسبة اليك؟ وما هو موقفك منه؟