كلّنا نتذكّر أمورًا من الماضي من طفولتنا تركت أثرًا فينا. شخصيًّا، من أجمل ذكريات طفولتي هي “دقّ الزّعتر” وغربلته للمونة. كنّا نقطف أوراق الزّعتر ونُيبّسها، ثمّ نضعها في أكياس “الجنفيص”، ونضربه بمطرقة الخشب. بعدئذٍ نفرّغ الأكياس بالغربال، ونغربلهم فيسقط الزّعتر النّاعم وتبقى الأوراق الكبيرة في الغربال فنضعها مجددًا في الكيس ونضربها حتّى تنعم ونغربل مجددًا. وهكذا نعيد الكرّة عدّة مرّاتٍ حتّى نحصل على غربال فارغ.
هذا تمامًا ما نفعله في حياتنا نحن “نغربل” أفكارنا، نغربل معارفنا، نغربل اهتماماتنا… لكي نبقيَ على ما هو نافع وحسن لنا.
ولكن على أيّ أساس نغربل؟ هناك ثلاث قواعد بسيطة تساعدنا في تمييز الأمور، وهي يجب أن تحدث معنا على ثلاث مراحل. أولًا نبدأ مع غربال اللياقة ثمّ غربال تمجيد الله وننتهي مع غربال الثّمر. كلّ فكرة، كلّ قول، كلّ عمل يجب أن يمرّ بهذه الغربالات الثلاث.
غربال اللياقة. نسأل: هل هذا الأمر يليق؟ ونُجيب على ضوء قول بولس: “كلّ الأشياء تحلّ لي ولكن ليس كلّ الأشياء توافق”. وهكذا نترك ما لا يليق بحياتنا.
غربال تمجيد الله. ونسأل: هل هذا القول أو هذا الفعل يُمجّد الله؟ ونحرص أن نعمل بموجب الوصيّة: “كلّ ما فعلتم بقول أو فعل افعلوه كما للرّبّ”. المؤمن يحرص أن يُكرِم الله في حياته.
غربال الثمر. هل ما نفعله مثمر وما هي النّتيجة المرجوّة منه؟ هل النّتيجة هي ثمر طيّب ومُفيد أم مرّ ومُضرّ؟ لنلتزم بالتّعليم الإلهيّ: “لتسلكوا كما يحقّ للرّبّ، في كُلّ رضى، مُثمرين في كل كل عمل صالح، ونامين في معرفة الله”.
هكذا يجب أن نقول ونُفكّر ونعمل اذا كان الأمر يليق، يمجّد الله، ويعطي ثمراً جيداً. عندئذٍ كُن فخوراً بما تفعله. أمّا اذا كان لا يوافق القواعد الثّلاث هذه فأعِد النّظر بما أنت فاعل واطلب حكمةً من فوق لكي تكون قراراتك وتصرفاتك على المستوى الّذي يريده الرّبّ.