كنت أقود سيارتي صوب العاصمة بيروت عندما لفتتني عبارة مكتوبة على إحدى الشاحنات التي كانت تسير أمامي: “الحسود لا يسود. عين الحاسد تبلى بالعمى.” جعلتني هذه العبارة أفكّر في موضوع الحسد، هذه الآفة التي تصيب جميع الناس.
ما هو الحسد؟ هو الشعور بالغيرة لما عند الآخرين والذي ليس بحوزتك. هو من أعمال الجسد كما يصفه بولس الرسول في رسالته إلى غلاطية. الحسد يظهر في كل نواحي العلاقات. ظهر الحسد منذ بداية البشريّة مع قصة قايين وهابيل ويُلازم الناس من وقتها.
الحسد يظهر جليًّا بين تلامذة المدارس وبين أفراد الصّف الواحد، ويظهر في العمل بين زملاء يتنافسون على الترقية والوصول إلى المراكز الأعلى. يظهر بين الأصدقاء والجيران وضمن أفراد العائلة الواحدة. نحن جميعًا معرضون للحسد.
الحسد يدمّر حياة الإنسان. يقول يعقوب الرسول: ” تشتهون ولستم تمتلكون، تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون أن تنالوا “. ثم يتابع فيقول: “من أين الحروب والخصومات بينكم؟ أليست من هنا من لذاتكم المحاربة في أعضائكم.”
ونتيجة للحسد يطلّ الكره برأسه حين نرى إنجازات الآخرين ونجاحهم . “لأنه حيث الحسد… هناك التشويش وكلّ أمر رديء” (يعقوب 3 : 16). الحسد يمكن أن يقود الناس إلى كلّ أنواع الخطايا. إخوة يوسف حسدوا أخاهم “صاحب الأحلام” فأسلموه للعبودية دون أن يرفّ لهم جفن. والملك شاول حسد داود لما أعطي الألوف وأعطي داود عشرات الألوف فطلب قتله رغم أنّه كان حارسه الشخصي.
الحسد يجعل الحياة غير سعيدة . “حياة الجسد هدوء القلب ونخر العظام الحسد” (أمثال 14 : 30). لا يمكن للإنسان أن يجمع الحسد والفرح معا في حياته. الحسد ينتج عن المقارنة بينك وبين الآخرين، بين ما لديك وما لديهم. لكن رغم كلّ شيء يبقى الحسد خيارًا، تفعله أو لا تفعله.
والحسد هو تعبير عن الشعور بالدونية وصغر النفس لذلك نشعر بالتهديد عندما نرى شخصًا أجمل وأذكى وأقوى منا. نشعر بالتهديد من الذي يفوقنا تعليمًا وغنى ونفوذًا ومظهرًا. الحسد يعيق النمو بالنعمة ويشلّ القوى.
إنّ أفضل علاج للحسد هو أن ترى نفسك كما يراك الله، إنسانًا فريدًا متميّزًا كما رأى داود نفسه. “أحمدك لأنني قد امتزت عجبًا” (مزمور 139). لذلك من الأفضل لنا أن لا نقارن أنفسنا بالآخرين لأن الله أعطى لكلّ واحد منا مقدارًا من المواهب والإيمان والبركات، فعلينا أن نكون مسرورين بما عندنا لأن الكتاب المقدس يقول”كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا أهملك ولا أتركك”. وقد شهد الرسول بولس لحالة الاكتفاء إذ قال: “قد تعلّمت أن أكون مكتفيًا بما أنا فيه” (فيليبي 4 :11). لكن من الضروريّ أن نعرف أنّ الإكتفاء لا يولد معنا، بل هو أمر علينا أن نتعلّمه. “المحبة لا تحسد”. المحبة تفرح حينما يتبارك الآخرون وينجحون. هكذا تبنى العلاقات الجيدة والصحيحة بين الناس.
الحسد هو الغضب على صلاح الله. والله عنده ما يكفي لإسعادنا وإسعاد الآخرين. الأشياء الماديّة هي مؤقتة لذلك من الأفضل لنا أن نركّز على الأمور الأبديّة التي ترضي الله كالمحبة وخدمة الله.
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.
اختيارات المحرر
فلنحذر الحسد
الحسد يجعل الحياة غير سعيدة . "حياة الجسد هدوء القلب ونخر العظام الحسد" (أمثال 14 : 30). لا يمكن للإنسان أن يجمع الحسد والفرح معا في حياته. الحسد ينتج عن المقارنة بينك وبين الآخرين، بين ما لديك وما لديهم. لكن رغم كلّ شيء يبقى الحسد خيارًا، تفعله أو لا تفعله.
شاركها.
فيسبوك
تويتر
لينكدإن
البريد الإلكتروني
واتساب
السابقهل لديك موعد مسبق؟