وُلِد العلاّمة الموسيقي وديع صبرا، في عائلة بروتستانتية، في عين الجديدة في منطقة بحمدون، في 23 شباط 1876. تلقى علومه في المدرسة البريطانية في بيروت. وتخرّج من الكلية الإنجيلية السورية (الجامعة الأميركية اليوم).
ابتدأ دراسته الموسيقية على يد الآنسة غرايس أمين شكّور، والسيدة تيودورا كساب والبارون النمساوي فون روبلن. حاز على منحة دارسية لمتابعة دروسه الموسيقية في باريس فسافر سنة 1892 وابتدأ يدرس ويتمرّن فـي الكونسرفاتوار الفرنسي مع كبار الأساتذة والموسيقيين، فأنهى دراسته في سنة بدل ثلاث سنوات.
خلال إقامته في باريس عيّنته الكنيسة الإنجيلية فيها، عازفًا على الأرغن. وألّف كتابًا أسمـاه: “الموسيقى العربية، أساس الفن الغربـي”. ثـم عاد موقّتًا إلى لبنان سنة 1908، وشارك في مباراة تلحين النشيد الوطني العثماني. وفاز بالمباراة، فزار تركيا والقسطنطينية بدعوة من الباب العالي، حيث تمّ تكريمه وتعيينه قائداً للأوركسترا البحرية العثمانية في إسطنبول مدة خمسة عشر شهرًا. سنة 1910 عاد وأسّس مدرسة “دار الموسيقى” في منطقة زقاق البلاط في بيروت وهو أوّل معهدٍ موسيقي في لبنان. وأصدر مجلة موسيقية شهرية، كانت الأولى في العالم العربي. بعد نفيه خلال الحرب العالمية الأولى إلى سيواس في الأناضول وإجباره على تأسيس وإدارة معهد موسيقي في كليبولي، عاد إلى بيروت عام 1917، وأصبح أستاذ الموسيقى في دار المعلمات ومدير أوركسترا الدرك إلى أن قدّم استقالته سنة 1920، ليعود لإطلاق مدرسته الموسيقية التي أُقفلت خلال الحرب.
عام 1922 سافر صبرا إلى باريس وقام بأبحاث موسيقية عديدة في غاية الأهمية، من ضمنها إيجاد آلة بيانو تخرج الألحان الشرقية. وقد فتحت له صالة بلايل مشاغل علم الصوت فيها، ويذكر الباحث الموسيقي اللبناني بشير عضيمي في كتاب “موسيقى المدينة” ما يأتي: “بعد جهود مضنية، بدأت محاولات وديع صبرا بتحقيق ما سماه “السلم الموسيقي الكوني” La Gamme Universelle. والمقصود به هو الجمع بين الموسيقى الشرقية والغربية في سلم موسيقي واحد يتناسب معهما. وفي مجال التطبيق العلمي لنظرياته الحسابية تلك، اخترع وديع صبرا آلة لقياس الأصوات (سونومتر). وقد قادته أبحاثه في النهاية إلى اختراع بيانو شرقي غربي مؤلف من لوحتي ملامس قادرتين على أداء أرباع الأصوات. وللأسف الشديد فقد تلف هذا البيانو بسبب إهمال القيّمين على الموسيقى، كما تلفت الآلة الوارد ذكرها.
لوديع صبرا أعمال موسيقية عديدة من أهمها: وضع المارش الملّي العثماني، والنشيد الوطني العثماني، والنشيد الوطني اللبناني، وتراتيل كنائسية. كما لحّن أول أوبرا باللغة التركية “رعيان كنعان”، وأوّل أوبرا باللغة العربية “الملكان”، ولحّن أوبريت فرنسية “الـمُهاجر”، وأكثر من ثلاثماية لحن شرقي.
توفي صبرا في 10 نيسان سنة 1950، إثر مرض قلبي. وتذكره موسوعة لاروس الموسيقية،(Encyclopédie de la Musique de Larousse) كأحد رواد الموسيقى في لبنان.