“يسوع الملك” اسمٌ ولا أحبّ على قلوب المسيحيّين. ونسأل: “من أطلق عليه هذا اللّقب؟” هل هو مَلِكٌ حقًّا؟ ومتى أعلن ملكه؟ وعلى من يملك؟ هل ملكه هو ملك روحيّ أو ملك سياسيّ مؤجّل؟ أسئلة عديدة تدور في ذهن كلّ من يسمع بـِ “المسيح الملك.” أمّا من يتصفّح العهد الجديد فيجد العشرات من الإشارات الواضحة لكون “مخلّص العالم” هو أيضًا “ربّ الكلّ” (أعمال 10: 36) وهو “رئيس ملوك الأرض” (رؤيا 1: 5) و”ملك القدّيسين” (رؤيا 15: 3) و”ربّ الأرباب وملك الملوك”(1تيموثاوس 6: 15؛ رؤيا 17: 14؛ 19: 16) وهو المُكلّل بالمجد والكرامة وبتيجان كثيرة (عبرانيّين 2: 9 ورؤيا 19: 12).
قد لا يُحِبّ أتباع ملوك الأرض وآلهتها ومنظّرو سياساتها ودياناتها هذا اللّقب إذ يُهدّد مواقعهم وسلطانهم، فيلجأ بعضهم إلى محاربة أتباع يسوع لكونهم يتبعون ملكًا آخر غير “القيصر”. وهذا ما حصل في بداية البشارة الرسوليّة عندما اضطُهِد المسيحيّون على أيدي الرومان بتُهمِ زور وجّهها إليهم اليهود، منها أنّهم يعملون ضدّ قيصر روما لأنّهم يتبعون ملكًا غيره وينوون الانقلاب على الأمبراطوريّة.
ولا ننسى أن هذه هي التهمة الأساس التي قدّمها اليهود لبيلاطس ضدّ “يسوع الملك الآخر” الّذي يُنافس قيصر روما، فاضطرّوا الوالي الرومانيّ ليختار بين قيصر روما والملك المزعوم! أمّا هو فوضع عنوان التهمة فوق رأس يسوع على الصليب، “ملك اليهود” وذلك إشارة إلى إدانته على محاولة التمرّد وتبرير نفسه في حكم إعدام يسوع إذ لم يجد علّة حقيقيّة ضدّه!
وما فتئت الأجيال التي لا ترضى بمُلكِ يسوع، تُبرّر لنفسها عدم الانصياع له، ومعظمها يضطهد أتباعه إذ لا يقبلون ملكًا على ضمائرهم سواه. أمّا الأسوأ فهو أنّ الغالبيّة العظمى من الّذين يدّعون الإيمان بالمسيح لا يعرفون أنّه مَلِكٌ ولا يخضعون لسلطانه في حياتهم وتصرّفاتهم.