“يا ساتر يا ربّ”، في أيّ جيل نعيش، وفي أيّ جيل سيعيش أولادنا؟
مَنْ ينظر حوله يَخَفْ جدًّا، إذ يرى أنّ المجتمع قد فسد فسادًا كليًّا.
ما العمل؟ وكيف يُنقِذ الإنسان نفسه من المستنقع الغارق فيه؟
اخلصوا من هذا الجيل الملتوي
عندما حلَّ الرّوح القدس على التّلاميذ في يوم العنصرة، وعظ الرّسول بطرس جموع الحُجّاج في أورشليم برسالة مباشرة وقويّة، حثّهم فيها على الخلاص من “جيلِهِم الملتَوي” (أعمال 2: 40). من الواضح أنّ كلماته كانت ثوريّة للغاية، إذ فيها إدانة صريحة لفساد المجتمع البشريّ يومها، ودعوة مباشرة لسامعيه إلى إنقاذ أنفسهم من الوضع الرّاهن السّائر نحو الهلاك. ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، ازداد الوضع سوءًا في المجتمع، وبقيت كلمات بطرس فاعِلة، لا بل صارت أكثر إلحاحًا. “اخْلُصوا مِن هذا الجيلِ الملتَوي” دعوة تُخاطب كلّ مَنْ تعب وقرف وخاف على نفسه وأخلص تجاهها. وفي كلمات بطرس وتعليم الكتاب المقدّس خارطة طريق نافعة لنا جدًّا في هذا الخصوص.
ما هو الجيل؟ تعريف كتابيّ
كلمة “جيل” تحمل عدّة معانٍ، منها أنّها تُمثّل مجموعة من نسل أولاد شخص ما، أو نسل عِرق مُعيّن، أولاد أمّة خاصّة، أي أنّهم مرتبطون بعضهم ببعض بالدّم أو العِرق أو الأصل أو حتّى المجتمع. في الكتاب المقدّس تُستخدم العبارة أيضًا لتصف حقبة تمتدّ أربعين سنة، ومجموعة من النّاس ينتمون إلى العمر نفسه: “كانَت ثَماني وثَلاثينَ سَنةً، حتَّى فَنِيَ كُلُّ الجيلِ” (تثنية 2: 14). كما استُخدِمت لتصف حياة الإنسان: “وماتَ يوسف وكُلُّ إخوَتِهِ وجَميعُ ذلِكَ الجيل” (خر 1: 6). في سفر التّكوين، قال الرّبّ لأبرام إنّ الجيل الرّابع من نسل إسرائيل في البرّيّة يُستعبَد لمدّة أربع مئة سنة. فتكون كلّ مئة سنة توازي جيلاً كاملاً (تكوين 15: 16).
والجيل يُحسَب أيضًا بحسب تواريخ العائلات. أي أنّ الجيل هو تاريخ عائلة بكاملها: “كانَ نوحٌ رجُلاً بارًّا كاملاً في أجيالِهِ” (تك 6: 9). يقول الوحي: “فَجَميعُ الأجيالِ من إبراهيم إلى داودَ أربعةَ عشرَ جيلاً، ومن داودَ إلى سبيِ بابِلَ أربعةَ عشرَ جيلاً، ومن سبيِ بابلَ إلى المسيحِ أربعةَ عشرَ جيلاً” (متّى 1: 17).
لكنّ المسيح يتكلّم أيضاً على حقبة أطول، ستمتدّ لتشمل كلّ مدّة العهد الجديد: “الحقَّ أقولُ لكُم: لا يَمضي هذا الجيلُ حتّى يكونُ هذا كُلُّهُ” (متّى 24: 34). وهو جيل طويل لا يعلم أحد نهايته ولا ملائكة الله بل الآب وحده (متّى 24: 36). وفي نهاية هذه الحقبة تأتي الدّينونة على بني إسرائيل الّذين يدعوهم “هذا الجيل”، لقتلهم الأنبياء والمُرسَلين كما قال يسوع (متّى 23: 36).
وتعني كلمة الجيل فترة غير مُحدّدة من الأجيال الماضية الّتي سبقت مجيء المسيح (كولوسّي 1: 26)، والّتي كانت فيها البشارة تتمّ عبر قراءة ناموس موسى (أعمال 15: 21). وتُشير أيضًا إلى فترة غير مُحدّدة من الأجيال الّتي ستتعاقب بعد مجيء المسيح. العذراء المباركة قالت عن الأجيال القادمة إنّها تُطوِّبها وإنّ “رَحمَة الله إلى جيلِ الأجيالِ للّذينَ يتّقونَهُ” (لو 1: 48، 50).
أمّا بطرس الرّسول، في عظته في عيد الخمسين، فيصف الجيل، ليس بمدّته، بل بنوعيّته. يُسمّيه “جيل مُلتَوي”. ونحن نقف عند توصيف بطرس للجيل، فنرى أنّه يتطابق مع جيلنا الملتوي جدًّا. ولكي نستفيد ممّا قاله بطرس لا بدّ من دراسة الموضوع مليًّا وبالعمق.
علامات الجيل الملتوي
ما الّذي يجعل جيلاً بارًّا وجيلاً آخر فاسدًا؟ إنّه وجود الله في الجيل أو عدم وجوده؛ فالجيل البارّ يكون الله فيه (مزمور 14: 5): “فَيَجعَلونَ على اللهِ اعتِمادَهُم، ولا يَنسَونَ أعمالَ اللهِ، بَلْ يَحفَظونَ وَصاياهُ. ولا يَكونونَ مِثلَ آبائِهِم، جيلاً زائِغًا ومارِدًا، جيلاً لَمْ يُثَبِّتْ قَلبَهُ ولَمْ تَكُن روحُهُ أَمينَةً للهِ” (مزمور 78: 7، 8). إذًا، الجيل الملتَوي هو جيل لا يعرف الله، ولا مكان له فيه. كما أنّه يملك مواصفات سيّئة أخرى، منها أنّه:
جيل غير مؤمن. يوبِّخ المسيح تلاميذه العاجزين عن الصّلاة وعن شفاء ولد فيه أرواح شرّيرة تُعذّبه؛ فيقول لهم: “أيُّها الجيلُ غيرُ المؤمِنِ، الملتَوي، إلى مَتَى أكونًُ مَعَكُم؟ إلى مَتَى أحتَمِلُكُم؟ قَدِّموهُ إلَيَّ ههُنا!” (متّى 17: 17). الجيل غير المؤمن يستحي أيضًا بكلمة الله، ويستهزئ بالّذين يتمسّكون بها؛ فيصفهم الرّبّ “بالجيلِ الفاسِقِ الخاطِئ” (مرقس 8: 38)، وأيضًا بالجيل الأعوج الملتوي والغبيّ وغير الحكيم (تثنية 32: 5-6). وكأنّ الكتاب المقدّس، في هذا، يتكلّم تمامًا على جيلنا اليوم.
جيل مُراءٍ. كذلك، إنه جيلٌ مُراءٍ يحيا الفساد والتّديّن في آن، حالهم كحال قوم مِنَ الكتبةِ والفرّيسيّينَ الّذين جاؤوا إلى المسيح يطلبون: “يا مُعلّمُ، نُريدُ أن نرى منكَ آيةً. فأجابَ وقالَ لهُم: جيلٌ شرّيرٌ وفاسِقٌ يطلُبُ آيةً، ولا تُعطى لهُ آيةٌ إلاّ يونانَ النبيِّ” (متّى 12: 38-39). عندما ذكر الوحي المقدّس هذه الحادثة، ذكر أيضًا أنّ يسوع “تَرَكهُم ومَضَى” من دون أن يُعطيهم أيّة آية (متّى 15: 4). أمّا آية يونان، فتُشير إلى موت المسيح وقيامته بعد ثلاثة أيّام لخلاص النّاس. إذًا، هؤلاء احتاجوا إلى خلاص المسيح من مراءاتهم وخطاياهم.
جيل متقلّب لا أمانة فيه. عندما يصفهم بطرس بالجيل الملتوي (أعمال 2: 40)، مَنْ يقصد بالملتوي؟ إنّه يقصد الشّعب، بقياداته وأفراده، الّذي لم يكن أمينًا للرّبّ، فحَجَب الرّبّ وجهه عنه بسبب اعوجاج طرقه وتقلّب جيله الّذي لم يعرف أيّة أمانة (تثنية 32: 5 و 20). الالتواء والاعوجاج في العلاقات والمعاملات هما من علامات الجيل غير المؤمن والملتوي الّذي لا يُحتمَل ولا يُعاشر (متّى 17: 17؛ فيلبّي 2: 15).
جيل شرّير. يتّصف بكثرة ارتكاب الشّرور الّتي تتضاعف فيه بسبب احتضانه الشّرّ. أعطى يسوع مثلاً عن رجل كان يسكن فيه روح نَجِس، ومن ثمّ خرج منه وعاد إليه ورأى أنّه ما زال جاهزًا لاستقباله، فأتى ومعه سبعة أرواح نجسة أشرّ منه وسكنوا فيه، فصارت “أواخِرُ ذلِكَ الإنسانِ أشرُّ من أوائِلِه!”. استخدم يسوع هذا المثل ليقول: “هكذا يكونُ أيضًا لهذا الجيلِ الشّرّير” الّذي يُطلِق يد الشّرّير فيه (متّى 12: 45). أمّا الشّرور الّتي يرتكبها الجيل الشّرّير، فهي بحسب الحكيم سليمان: “جيلٌ يَلعَنُ أباهُ ولا يُبارِكُ أمَّهُ. جيلٌ طاهِرٌ في عَينَي نَفسِهِ، وهوَ لمْ يَغتَسِل من قَذَرِهِ. جيلٌ ما أَرفَعَ عَينَيهِ، وحواجِبُهُ مُرتَفِعَةٌ. جيلٌ أسنانُهُ سُيوفٌ، وأضراسُهُ سَكاكينُ، لأَكْلِ المساكينِِ عنِ الأرضِ والفُقَراءِ من بَينِ النّاسِ” (أمثال 30: 11-14). كم تتطابق هذه المواصفات مع جيلنا وأيّامنا. آه! كم وَضْع جيلنا شرّير وسيّئ!
الموقف تجاه الجيل الملتوي
صحيح أنّ الخلاص يصير بالنّعمة والإيمان بالمسيح المُخلِّص (أفسس 2: 8)، إلاّ أنّ الخروج من وسط الجيل الملتوي هو مسؤوليّتنا وعملنا الشّخصيّ؛ فكلّ مَن هو مزعوج، أو مُتضرّر، أو هو ضحيّة هذا الجيل الملتوي عليه أن يخلص منه. هذه مسؤوليّة كلّ فرد يُريد الخلاص. نرى في كلام الرّسول بطرس: “اخْلُصوا مِن هذا الجيل المُلتَوي”، دعوة إلى القيام بالأمور التّالية:
فهم طبيعة جيلنا. بطرس يدعو جيله بِـ”الملتوي”. وبهذا التّوصيف نرى أنّه يفهم طبيعة جيله. تقع المشكلة عندما لا يفهم الإنسان طبيعة جيله، فيُبرّئه وينجذب نحوه. يسأل الرّبّ يسوع المسيح: “وبِمَن أُشبِّهُ هذا الجيلَ؟ يُشبهُ أولادًا جالِسينَ في الأسْواقِ يُنادونَ إلى أصحابِهِم ويَقولونَ: زَمَّرنا لَكُم فَلَمْ تَرقُصوا! نُحنا لَكُم فَلَمْ تَلطِموا!” (متّى 11: 16). في هذه الآية نرى أنّ المسيح رأى خطورة الأشرار الّذين يخفون حقيقة شرورهم بينما يدعون الآخرين إلى الانجرار إليها. هذا يفرض علينا أن نتّعظّ ونتعلّم ونفهم طبيعة جيلنا لئلاّ نقع في شروره. الرّبّ يُريدنا “أن نُميِّز بين المُقَدَّس والمُحَلَّل وبينَ النَّجِسِ والطّاهرِ” (لاويّين 10: 10). لا يجوز ألاّ نعرف ما الّذي يجول حولنا، وأن نأخذ الأمور ببساطة. الكتاب المقدّس، من صفحاته الأولى، يسرد قصّة السّقوط في المجتمع الإنسانيّ الأوّل، ليُخبرنا أنّ الدّنيا فاسدة وأنّ كلّ جيل يتعرّض للشّرور كما الجيل الأوّل.
التّحرّر من تأثير جيلنا. يدعونا بطرس الرّسول إلى الخلاص من جيلنا الملتوي على الرّغم من كوننا فيه. كيف يفعل ذلك؟ على المؤمن أن يتحرّر من تأثير الأشرار في جيله ليتمكّن من أن يحيا للرّبّ إلهه، كما يقول المُرنّم: “انْصَرِفوا عَنّي أيُّها الأشرارُ، فأَحفَظَ وَصايا إِلهي” (مزمور 119: 115)، أو كما يدعو الرّسول بولس: “لِذلِكَ اخْرُجوا مِن وَسْطِهِم واعْتَزِلوا، يَقولُ الرَّبّ. ولا تَمَسّوا نَجِسًا فأَقبَلَكُم” (2كورنثوس6: 17). فمن الأفضل لنا أن نخرج من وسط جيلنا ونفكّ الارتباط في فساده وفاسديه قبل أن يُفسِدونا (1كورنثوس15: 33). فجيلنا من نوعيّة متَدنِّية لا يحمل في كيانه مواصفات مجيدة، وتأثيره سيّئ وخطير فينا. كلّنا يذكر قصّة الابن الضّالّ وتأثير معاشرات السّوء فيه؛ فلِمَ لا نتّعظ ونتحرّر من العلاقات الّتي تقودنا إلى ارتكاب الخطايا والآثام. قد يظنّ بعض النّاس أنّ قطع بعض العلاقات الاجتماعيّة وبعض الصّداقات المُضرَّة أمر مُكلف، لكنّه، في الحقيقة، لن يكون أكثر كلفة من الضّرر الّذي يلحق بنفوسنا وحياتنا بسبب تلك العلاقات.
التّميّز في وسط جيلنا. الكتاب المقدّس يُريد أن يكون أولاد الله جيلاً مُميَّزًا في وسط العالم. من أجمل ما كتبه بولس الرّسول: “لأنَّ الله هوَ العامِلُ فيكُم أنْ تُريدوا وأنْ تَعمَلوا مِن أجلِ المسَرَّةِ. افْعَلوا كُلَّ شَيءٍ بِلا دَمدَمَةٍ ولا مُجادَلَةٍ، لِكَي تَكونوا بِلا لَومٍ، وبُسَطاءَ، أولادًا لله بِلا عَيبٍ في وَسطِ جيلٍ مُعَوَّجٍ ومُلتَوٍ، تُضيئونَ بَينَهُم كأَنوارٍ في العالَم” (فيلبي 2: 13-15). فكما ميَّز الرّبّ في القديم بين الّذين هم له والّذين ليسوا له، كذلك هو يُريد أن يعرف النّاس الفرق بين أولاده وأولاد الجيل الفاسد، ويتحقّقوا من أنّ لله مَن يَشهَد له (خروج 11: 7). تمايز المؤمنين عن العالم الشّرّير ليس ليُمجّدوا أنفسهم، بل ليُمجّدوا خالقهم ويؤكّدوا أنّه ما زال يعمل في وسط النّاس على الرّغم من مفاسدهم. يرغب الكثيرون في الانتماء إلى نوادٍ وهيئات ذات منزلة اجتماعيّة رفيعة، وهذه إنّما تنمّ عن جوع دفين للعودة إلى المقام السّامي الّذي خسره الإنسان بسقوطه في الخطيّة. ومَن ينخرط في هذه الحلقات، يكتشف بعد حين أنّها لا تختلف عن باقي دوائر النّاس الفاسدة والملتوية، وتبقى دعوة بطرس الرّسول في محلّها: “اخْلُصوا مِن هذا الجيلِ المُلتَوي” إذ لا تميّز فيه بين خاطئ وآخر إلاّ بالمسيح.
خدمة جيلنا. إنّ دعوة بطرس إلى الخلاص من الجيل المتلوي ليست للانعزال والتّعالي والكسل والسّلبيّة، بل لتشكيل حالة نموذجيّة مُقدَّسة هدفها هداية النّاس إلى النّور الحقيقيّ، أي المسيح، الّذي جاء ليُنير كلّ إنسان (يوحنّا 1: 9). فهناك الكثيرون من المنزعجين من ظلمة العالم الأخلاقيّة والرّوحيّة، ويتوقون إلى رؤية نور المسيح ينبعث من حياة مؤمنين حقيقيّين، فيهتدون بنورهم. هذا يُلقي بمسؤوليّة كبيرة على عاتق كلّ مَن يَدّعي الإيمان بالمسيح ليعيش حياة القدوة فيُرشد غيره للخلاص. إذًا، على المؤمنين أن يكونوا فاعلين في خدمة جيلهم بمشورة الله، كما قيل عن داودَ الملك (أعمال 13: 36)؛ فهو لم ينسحب من وسط مجتمعه ليتركه يهلك بخطاياه من دون أن يُحاول أن يخدمه بأمانة وإخلاص. ونحن أيضًا، في الوقت الّذي يجب أن “نخلص من الجيل الملتوي”، علينا أن نخدم أبناء الجيل عينه فنُساعدهم على أن يختبروا ما اختبرناه في المسيح. هذا دور المؤمنين بالمسيح الّذين هم جِنسٌ (أو جيل) مُختار، وهو أن يُخبِروا بفضائلِ الّذي دعاهم من الظّلمةِ إلى نورِه العجيب (1 بطرس 2: 9). إذًا، الخروج أو الخلاص من العالم الشّرّير ليس على سبيل الهروب، بل على سبيل تحصين الحياة وتخصيصها لخدمة فاعلة تؤول إلى خلاص المعذّبين من الخطيّة.
الدّعوة عامّة وخاصّة
يجب أن نذكر أنّ الجيل الملتوي هو هالك لا محالة. والهلاك الّذي يسير نحوه كبير وخطير كما قال الرّبّ يسوع: “أولئِكَ الأردياء يُهلِكهُم هلاكًا رديًّا” (متّى 21: 41). وإذ جيلنا ملتوٍ وشرّير جدًّا ولا بصيص نور لأحد فيه (تثنية 1: 35)، يحفظ الله أولاده وسط العالم ليُساعدوا النّاس، ويدعوهم إلى الخروج لمصير أفضل مع الرّبّ.
لا يظنّ أحدٌ أنّ جيله أفضل من جيل سبقه، أو أنّ جيله سيدوم أكثر من غيره. تنحني كلّ الأجيال، الواحدة تلو الأخرى، ولا يبقى إلاّ الجيل الّذي أبصر خلاصَ الله (لوقا 3: 5-6). لقد سمح الله في الماضي للأجيال بأن تسير على راحتها (أعمال 14: 16). وكان النّاس يسلكون بلا إيمان صحيح. أمّا جيل العهد الجديد (أي ما بعد المسيح)، فيتميّز بكونه يعرف ما أعلنه الله عبر رُسله القدّيسين وأنبيائِه بالرّوح القدس (أفسس 3: 5)؛ فالله يدعو النّاس، وفي يومنا أيضًا، إلى الخروج من وسط الجيل الملتوي والدّخول في الجيل المستقيم، جيل الّذين يسيرون مع الرّبّ ويحفظون كلمته، فيحرسهم الله إلى الدّهر (مزمور 12: 7). الدّعوة عامّة وخاصّة في آن، فهل مِن مُجيب يتحدّى الدّنيويّات العالميّة والخطايا الشّرّيرة، ويخرج من الجيل الملتوي ليخلص في المسيح ويلتزم بالعيش معه ولأجله؟ مَن يُلبّي الدّعوة يصِر ابن جيل مُختلف ومُميَّز في المسيح، وتكُن له ولأولاده حياة أفضل بمعونة الرّوح القدس (أعمال 2: 39). طوبى لِمَن يكون من أولاد الله الّذين يتمجّد المسيح فيهِم إلى “جَميعِ أجيالِ دَهرِ الدُّهورِ. آمين” (أفسس 3: 21).