منذ صغرنا ونحن نقيس الأشياء، فلكلّ شيءٍ مقياسٌ يحدّده: 5 بونبون، كمشة رز، وقيّة لحمة، بنطلون large، درجتين Myopia للنّظر، 2 كيلو بندورة… الخ
ونتذكّر غنج جدّاتنا “بحبّك قد البحر وموجاتو” ونغني مع فيروز “كبر السّما بحبّك”… ترى ما هو مقياس المحبّة الحقيقيّ؟ هناك أمور لا تقاس بالوزن والّرقم، وهنا تطنّ في أذنيّ ما علّمتني إيّاه أمّي منذ صغري “يلّي بحبّ بضحّي”. تحبّ قليلاً تضحّي قليلاً، تحبّ أكثر تضحّي أكثر.
هناك من فنى حياته في سبيل عائلته التي أحبّها أكثر من نفسه، وهناك من رمى أولاده على الطّريق ليستغلّهم. التّضحية الخالصة هي نتيجة القلب المحبّ، وهي طوعيّة وغير مدفوعة.
وعندما نقف تحت الصّليب ونتأمّل بالمسيح المصلوب لا يسعنا إلّا أن نتذكّر الآية “الله بيّن محبّته لنا لأنّه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا” و”إذ أحبّ خاصّته أحبّهم حتّى المنتهى”. هذه هي تضحية الربّ، عبّر، من خلالها، بفدائه وآلامه وموته بديليّا وطوعًا عنّا، عن محبّته لنا. خالق الأكوان، الإله العظيم الكلّيّ القدرة، ضحّى بإبنه الذي سرّت به نفسه على الصّليب لأجل جميع النّاس، لأجل كلّ واحدٍ، لأجلي ولأجلك.
مقياس محبّته لنا كان تضحيةً كاملةً أبديّةً وليس رقمًا أو مقياسًا.
سألت نفسي قبلاً وأسألك أنت ما هو مقياس محبّتك ليسوع؟ هل أنت مستعدّ أن تعبّر عن محبّتك له؟ ولأيّ مدى؟ ماذا تجيب؟
إن أجبت بِ”لا”، يا للأسف، تكون أنت الخاسر الأكبر. لن تتمتّع بمحبّته لك لا في هذه الدّنيا ولا في الآخرة. أرجو أن تجد من يقدّر لك تضحياتك له سواء من العائلة أو الأصدقاء أو العمل بينما أنت لا تقدّر تضحية الله لك.
وإن أجبت بِ”نعم”، عندئذٍ، تُعبّر عن محبّتك الحقيقيّة بتوبةٍ صادقةٍ وتسليم الحياة له. تعال إليه وقل له “سامحني يا ربّ، أنا أُحِبّك وأريد أن أعطيك قلبي وحياتي لأعيش لك”.