في قصيدة للشّاعر إيليا أبو ماضي بعنوان “لست أدري” وهي تفسّر ما يفكّر فيه الانسان الباحث الضّائع الذي يريد أن يفهم أسرار الكون، مبدأ الوجود ومبدأ نهايته، ووجود الانسان في ما بينهما. فيبدأ قصيدته :
جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقاً فمشيت
وسأبقى ماشياً إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
في محاضرة لعالم الفضاء الأميركي اللبناني الأصل البروفسور شارل عشي مدير مختبر الدفع النفاث في محطة الفضاء الأميركية “ناسا” في جامعة LAU في بيروت، تحدث عن نظرية الخلق من خلال “الانفجار العظيم” الذي يعتقد العلماء أنه السبب في تكّون الكون. وأضاف أن “الكرة الأرضية لا تزيد عن حجم نقطة صغيرة في الكون الرحب”، سائلا: “كيف نشأت الحياة وهذه الكواكب والنجوم؟ أن هذا ما نحاول فعله في عملنا، نسعى الى الاجابة عن هذه الأسئلة وتقديم المفيد”. وبالخلاصة لا يدري كيف ويستطيع أن يشارك الشاعر أيليا أبو ماضي بالقول “لست أدري من أين جئت ولا إلى أين أذهب”.
هذا لسان حال الكثيرين في كل زمن. لأن من يبحث عن معرفة أسرار الكون بعيداً عن الله، لن يجد جواباً. أما الكتاب المقدس فيقدّم بكل وضوح حقائق الوجود. ففي أول سفر فيه، سفر البداءات أو التكوين كما هو معروف، جاء في الاصحاح الاول والعدد الاول “في البدء خلق الله السموات والارض” فالكتاب يوضح حقيقة الوجود. فكل ما هو موجود هو قائم في الوجود بإرادة الله. فالله وضع البداية ووضع أيضاً النهاية. ففي آخر سفر في الكتاب المقدس، سفر الرؤيا يكتب يوحنا “ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ”.
فنحن لا نحيا بحالة ضياع وتشرّد، بل نعلم أن الله هو ضابط كل شيء بقدرته. فالخلل في فهم الوجود ليس أن الله في كتابه جعله لغزاً عسر الفهم، بل هو في الانسان الذي يرفض ويتمرد على من أوجده مستخدماً طرقاً تقوده إلى الضياع بدل معرفة الحقائق. فكما يقول سليمان في سفر الامثال” تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ.”
إن العلم والكتاب المقدس لا يتناقضان بتاتاً، والكثير من العلماء الذين قدّموا للبشرية العديد من الاكتشافات التي ساهمت في تقدمها كيوهانس كيبلر، بليز باسكال، اسحق نيوتن وغيرهم، آمنوا بالكتاب المقدس، وكانوا يدرون من أين أتوا وإلى أين يذهبون.
إن من يبحث عن الوجود بمنظار بشري، لا يستطيع أن يدري أسرار الكون أو أسرار مخلوقاته. لأن منظاره محدود الأفق ومغطى بغشاوة الفلسفة البشرية التي تعمي أحياناً الرؤيا بدل أن تنيرها. وسوف يبقى قائلاً “لست أدري”. أما من يؤمن بكلمة الرب، فهو وحده الذي يدري. ليس لأنه أذكى من غيره، لكن لأن الرب كشف له أسرار الوجود. فكما قال دانيال عن الرب: “هُوَ يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ وَالأَسْرَارَ. يَعْلَمُ مَا هُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَعِنْدَهُ يَسْكُنُ النُّورُ.” فالكتاب المقدس هو الذي يجعل الانسان يدري أسرار الكون من الخلق إلى نهاية الأمر. ليقول “جئت، أعلم من أين أتيت وإلى أين أمضي. ولي علم اليقين مما قاله الخالق بكتابه المقدس”.
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.
اختيارات المحرر
من أين أتيت وإلى أين أذهب؟
إن من يبحث عن الوجود بمنظار بشري، لا يستطيع أن يدري أسرار الكون أو أسرار مخلوقاته. لأن منظاره محدود الأفق ومغطى بغشاوة الفلسفة البشرية التي تعمي أحياناً الرؤيا بدل أن تنيرها. إن العلم والكتاب المقدس لا يتناقضان بتاتاً، والكثير من العلماء الذين قدّموا للبشرية العديد من الاكتشافات التي ساهمت في تقدمها كيوهانس كيبلر، بليز باسكال، اسحق نيوتن وغيرهم، آمنوا بالكتاب المقدس، وكانوا يدرون من أين أتوا وإلى أين يذهبون.
شاركها.
فيسبوك
تويتر
لينكدإن
البريد الإلكتروني
واتساب
السابقالشّيطان، شخص أم قوّة ؟