إنّ كلمة الرّجاء تحمل في طيّاتها معنى الثّقة والصّبر مع المثابرة في الاجتهاد. والرّجاء له تأثيرٌ على سلوك الإنسان. يقول الكتاب “لنتمسّك بإقرار الرّجاء راسخًا، لأنّ الّذي وعد هو أمين” (عبرانيين 10: 23).
حينما يتكلّم الكتاب المقدّس عن الرّجاء المسيحيّ، فإنّه يركّز أفكارنا وأنظارنا على مواعيد الله، بل على الله نفسه مما لا يدع مجالاً للشّكّ وتمتلئ قلوبنا بالفرح والتّعزية والطّمأنينة لأنّ مرساتنا مثبتةٌ على الصّخر ولا يمكن أن تتزعزع وهذا الرّجاء يقيني وثابت ويرتكز في شخص ربّنا يسوع المسيح الذي سينقذنا من الغضب الآتي ويدخلنا بيت الآب. وهذا الرّجاء الّذي نتمسّك به ونسير باتّجاهه، بما أنّه يستند على كلمة الله، هو رجاءٌ حيّ وسوف يتحقّق لنا في المستقبل القريب، وهو يؤثّر بفاعليّته في حاضرنا كما يجعلنا في حالة الاستعداد الكامل والدّائم لمجاوبة كلّ من يسألنا عن سبب الرّجاء الّذي فينا. يقول الكتاب المقدّس: “أمّا منتظرو الرّبّ فيجدّدون قوّة، يرفعون أجنحةً كالنّسور، يركضون ولا يتعبون، يمشون ولا يُعيُون” (اشعياء 40: 31).
إنّ كلمة الرّجاء عند الّذين لا يعرفون الله تحمل في طيّاتها قدراً من الشّكّ وعدم اليقين من حدوث الأمر. كان هناك جنرالٌ عاصر ثوراتٍ وحروبًا كثيرةً وحصل على أوسمةٍ عاليةٍ واشتهر اسمه في بلاده، وفي النّهاية وصل إلى ما يصل إليه كلّ انسان فمرِضَ، وصارع الموت مدّةً من الزّمن إلى أن جاءت السّاعة الأخيرة، وقد تجمّع حوله بعضٌ من جنوده صرخ به أحدهم تجلّد وتمسّك، فنظر إليه القائد وقال: قلْ لي أرجوك، بماذا أتمسّك؟ وقد ظهرت الأبديّة أمامي!!
ما أتعس الإنسان الّذي لا رجاء له ليتمسّك به. ماذا تنفع الرُّتب والأوسمة والشّهرة والمركز. بل ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه ؟
لقد أوشكت شمس العالم المنتهي أن تغرب، بعد أن عانى النّاس الألم، وبعدما تزايدت آلام البشر ولم يعد هناك مكانٌ آمن، وبعدما صار القتل والعنف والخيانة والطّمع وغيرها، صفات هذه الأيّام نسأل: هل هناك من رجاء ومهرب؟ نعم هناك رجاء في كلمة الله الحية. إنّ الذين آمنوا بالمسيح قلوبهم تنتظر مجيئه ونفوسهم ترقب ظهوره أكثر من المراقيبن الصّبح، فهم يرجون مجيء المسيح ولقاء يسوع وجهاً لوجه.
إنّ هذه الصّورة هي صورةٌ مصغّرةٌ لأيّام سيكون فيها على الأرض كرب أمم بحيرة، والنّاس يغشى عليها ممّا سيحدث على المسكونة. نعم فكلّما توغّل الليل في ظلامه فإنّه يعلن قرب بزوغ الفجر. وكذا الصّورة القاتمة في العالم تنبئنا بأنّ من آمنّا به وهو رجاؤنا قد اقترب “فلنرفع رؤوسنا لأنّ نجاتنا تقترب”.